أما ضمير الغائب فجائز ما لم يكن فيه احتقار وإذلال، وشاهد هاذا في السُّنة قولُ النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- في علامات الساعة وأماراتها: (( حتى تلد الأمة ربّتها ) )، وفي رواية: (( ربها ) ). وفي حديث اللُّقَطة قال النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (( حتى يجدها ربُّها ) )لَمَّا سُئل عن ضالَّة الإبل، فهاذا جائز لوروده في كلام النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.
بقي ضمير المتكلم، وهو أن يقول: ربي، فهل هاذا جائز؟
الأحسن والأكمل تَرْكُ ذلك، ولكن إن قاله على سبيل الإخبار فإنه يجوز، فإن خُشي منه معنًى رَدِيء فتركه هو المتعيِّن.
أما دليل الجواز: فقول يوسف -عليه السلام-: {إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوَايَ} [1] على القول بأن الرب هنا هو السَّيِّد، {إِنَّهُ رَبِّي} أي: سيدي، وهو مَنْ كان قد اشتراه {أَحْسَنَ مَثْوَايَ} أي: أحسن إقامتي وصيانتي ورعايتي، هاذا بالنسبة لحكم إضافة الرب إلى الظاهر والمضمر.
قال رحمه الله: (( وليقل: سيدي ومولاي ) ).
وجَّه النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إلى أن يقول: سيدي ومولاي، مَن القائل؟
القائل هو المملوك نفسه، فلا بأس أن يقول: سيدي ومولاي، أما السيد فلأنَّه مُتَرَئِّسٌ عليه متصرِّفٌ فيه، وأما المولى فهي كلمة تُطلق على القريب والناصر والسيد، فالأمر فيها يسير، ولذلك وجَّه النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إلى قول هاذين.
ثم قال: (( ولا يقل أحدكم: عبدي وأمتي ) ).
(1) سورة: يوسف، الآية (23) .