الصفحة 82 من 952

والشرك الأصغر هو كل وسيلة تفضي إلى الشرك الأكبر. هاذا أفضل ما عرف به الشرك الأصغر أن يقال: هو كل وسيلة تفضي إلى الشرك الأكبر. هاذه ثلاثة فروق، ويأتي من الفروق من إطلاقات الشارع، فإن الشارع استعمل في الدلالة على الشرك الأصغر ألفاظًا تخالف الألفاظ التي استعملها للشرك الأكبر، ويتبين ذلك إن شاء الله تعالى من خلال ما يمر علينا. والصحيح في هاذه الآية أنها تشمل النوعين، هاذا هو الأصل مالم يدل على خلاف ذلك إجماع.

هاذه الآية أفادت أن الله -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- يغفر الذنوب ما دون الشرك، والمراد بما دون الشرك أي ما سواه وما أقل منه، وأما ما كان مثل الشرك أو أشد منه فإن الله لا يغفره -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى-.

هل هناك شيء أشد من الشرك؟ الإلحاد أعظم من الشرك. أنت الآن عندك شخص يعبد الله ويعبد غيره، وآخر لا يعبد الله يقول: ما فيه رب أصلاً، أيهما أعظم كفرًا؟ الذي يثبت الله ويعبد معه غيره أو الذي ينفي الله بالكلية؟ الذي ينفي الله بالكلية، ولذلك كان كفر التعطيل أعظم من كفر الشرك، فالملحدون أعظم كفرًا وأشد عذابًا من المشركين الذي يعبدون الله ويصرفون العبادة لغيره، فالآية تشمل ما دون الشرك، أما ما كان مثل الشرك في المرتبة -كسائر أنواع الكفر التي دل الكتاب والسنة على أنها كفر- أو كان أعظم كالإلحاد فإنه داخل في الآية في قوله: {إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ} . وقال: {وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} أي: بقية الذنوب التي دون الشرك، وهي الكبائر.

ثم قال: (وقال الخليل عليه السلام: {وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الأَصْنَامَ} . [1]

(1) سورة: إبراهيم، الآية (35) .

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام