هاذه الآية آية عظيمة، فيها بيان فضل التوحيد وخطورة الشِّرك، فهي توجب للعبد الإقبال على التوحيد وتحقيقه، والخوف من الشرك والتحذير منه. يقول الله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ} . والمغفرة هي الستر والتجاوز إذا أُطلقت، فنفى الله -عز وجل- مغفرة الذنوب والستر على فاعلها والتجاوز عنه في هاذه الآية إن كان الفاعل قد قارف شركًا، فإن الشرك غير قابل للمغفرة.
{أَنْ} مصدرية {يُشْرَكَ} فعل مضارع هو وأَنْ في تأويل مصدر. تقدير الكلام: إن الله لا يغفر إشراكًا به. وهاذا يوجب الخوف، فإذا كان الشرك سببًا لمنع المغفرة فإن الواجب أن يحذر منه وأن يخاف منه، لأنه يحول دون رحمة الله ومغفرته، وفي المقابل: {وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} يغفر الله -جل وعلا- بالستر والتجاوز ما دون ذلك. {مَا} هنا بمعنى الذي {دُونَ ذَلِكَ} أقل أو سوى، قولان لأهل العلم، فيغفر ما سوى أو ما أقل من ذلك {لِمَنْ يَشَاءُ} والمشار إليه في قوله: {ذَلِكَ} الشرك، ولكنه فيما دون الشرك علق المغفرة بالمشيئة فقال: {لِمَنْ يَشَاءُ} فعُلم أن المغفرة فيما دون الشرك ليست مطلقة، بل هي معلقة بالمشيئة: إن شاء الله غفر، وإن شاء أخذ. وهاذه الآية دالة على عظم جرم الشرك، وأنه من أعظم أسباب منع المغفرة.
لكن ما المراد بالشرك الذي يمنع المغفرة، هل هو الشرك الأصغر أو الأكبر؟ أو الشرك الأصغر والأكبر؟ قولان لأهل العلم: