الصفحة 79 من 952

أما مناسبة هاذا الباب لكتاب التوحيد فهي ظاهرة: فإن الخوف من الشرك من أهم ما يكون من ثبوت التوحيد، قال رحمه الله: (باب الخوف) .

(الخوف) ضد الأمن، وهو الوجل والخشية.

(من الشرك) . و (الشرك) يدل في اللغة على التسوية، وهو في الاصطلاح: تسوية الله بغيره في الربوبية أو في الإلهية أو في الأسماء والصفات. وأصل الشرك بجميع صوره وأنواعه يرجع إلى أمرين.

الأمر الأول: تشبيه الخالق بالمخلوق.

والأمر الثاني: التشبّه بالخالق.

وإلى هاذين الوصفين يرجع كل شرك في الدنيا، سواء كان شركًا في الرّبوبية أو شركًا في الإلهية أو شركًا في الأسماء والصفات. وقد عاب الله -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- على المشركين شركهم، ووصفه بأنه عدل وتسوية فقال: {الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ} [1] أي: يسوون به غيره، ففهم من هاذا أن الشرك الذي وقع فيه هؤلاء مداره على التسوية.

و (الشرك) يقسمه العلماء إلى شرك في الربوبية وشرك في الإلهية وشرك في الأسماء والصفات، وهو يقابل التقسيم الذي تقدم في التوحيد، وهو توحيد الربوبية وتوحيد الإلهية وتوحيد الأسماء والصفات.

أفادت هاذه الترجمة أنه ينبغي للمؤمن أن يخاف من الشرك، وألا يأمن على نفسه منه، وهاذا يوجب دوام المراقبة.

ثم ذكر المؤلف -رحمه الله- في هاذا الباب، قال: (وقول الله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاءُ} [2] .)

(1) سورة: الأنعام، الآية (01) .

(2) سورة: النساء، الآية (48، 116) .

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام