وقوله تعالى: {وَهُمْ يَكْفُرُونَ بِالرَّحْمَنِ} بعد ذلك ماذا قال؟ {قُلْ هُوَ رَبِّي لا إِلَهَ إِلا هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ مَتَابِ} . فإنه بعد أن ذكر كفرهم بالرحمن بيَّن دليل إثبات هاذا الوصف لله عز وجل، حيث ذكر الربوبية والإلهية، بعد ذكر وصف الرحمان: {قُلْ هُوَ رَبِّي لا إِلَهَ إِلا هُوَِ} هاذا فيه ذكر الإلهية أو الربوبية؟ الإلهية {عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ مَتَابِ} هاذا فيه ذكر الربوبية؛ لأن التوكل من متعلقات الربوبية. وهاذا نظير ما في سورة الفاتحة، حيث قال الله جل وعلا: {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (02) الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} [1] فقدم ذكر الإلهية أولاً لأنها الأصل، ثم ثَنَّى بالربوبية لأنها من تمام توحيد الله -عز وجل- وإن كانت متَضَمَّنة في الإلهية.
بعد ذلك ذكر الوصف الذي يتعلق بالأمرين، يتعلق بالإلهية والربوبية وهو قوله: {الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} . فلما ذكر الله -جل وعلا- إنكار المشركين والكفار في سورة الرعد لهاذه الصفة، قال سبحانه وتعالى: {وَهُمْ يَكْفُرُونَ بِالرَّحْمَنِ قُلْ هُوَ رَبِّي لا إِلَهَ إِلا هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ مَتَابِ} . فإذا كنتم تقرون بأنه لا إله إلا هو، وأنه هو الرب -جل وعلا- فالواجب الإقرار له بهاذا الاسم وبما تضمنه من وصف: {قُلْ هُوَ رَبِّي} هاذا فيه إثبات الربوبية {قُلْ هُوَ رَبِّي لا إِلَهَ إِلا هُوَ} هاذا فيه ذكر الإلهية {عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ} هاذا أيضًا عَود لذكر الربوبية كما ذكرنا {وَإِلَيْهِ مَتَابِ} .
[المتن]
الثالثة: ترك التّحديث بما لا يفهم السامع.
[الشرح]
(1) سورة: الفاتحة، الآيات (2 - 3) .