الصفحة 68 من 952

(فخرج عليهم رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فأخبروه) . أخبروه بما جرى من خوض وكلام وبحث في تعيين هؤلاء، ومن هاذا أخذ جماعة من العلماء أنه يجوز الخوض في مسائل العلم ولو لم يتقدم للإنسان فيها علم جازم، إذا كان يراجع ولا يستقل بما يتوصل إليه من نتيجة، فللإنسان أن يبحث ويديم النظر والفكر في مسألة لم يسبق له بها علم، ثم يعرض ما توصل إليه من فكر ونتيجة على من هو أعلم منه؛ ليتبين الصواب من الخطأ، وهاذا هو الذي جرى من الصحابة: فإن الصحابة خاضوا في تعيين هؤلاء، وهو خوض بلا علم؛ لأن النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ما بيَّن لهم، والمقصود بلا علم أي بلا علم معين، وإلا فهم حرصوا واجتهدوا في تعيين هؤلاء من خلال ما عرفوه من أسباب الفضل والسبق في دين الإسلام. (فأخبروه فقال لهم) أي رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (( هم الذين لا يسترقون ) )أي لا يطلبون الرقية، فالاسترقاء هو طلب الرقية من الغير، وفي رواية لمسلم: (( ولا يرقون ) ).

نقف أولاً عند قوله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (( لا يسترقون ) ). يعني: الذين لا يطلبون الرقية. وأشكل هاذا على جماعة من أهل العلم: لماذا جعل النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- هاذا الوصف من موجبات ذلك الفضل، مع أن الرقية جائزة وقد فعلها رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بنفسه، وأمر بها في حق غيره؟

فالتمسوا لذلك أجوبة:

فمنهم من قال: إن هاذا الوصف يفيد كراهية التداوي بالرّقية، وأن التداوي بالرقية مكروه، وما جاء من فعله أو أمره فهو يدل على الجواز.

وقالوا: إن البخاري أشار إلى ذلك فيما ترجم له حيث قال: باب من لم يرق، يعني من لم يستعمل الرقية، وساق هاذا الحديث. هاذا احتمال.

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام