{فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ} الضمير في قوله: {أَمْرِهِ} قيل: إنه يعود إلى النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، وقيل: إنه يعود إلى الله -جل وعلا-. والأظهر أنه عائد إلى الله -سبحانه وتعالى-؛ لأنه أقرب مذكور، حيث قال تعالى: {قَدْ يَعْلَمُ اللَّهُ الَّذِينَ يَتَسَلَّلُونَ مِنْكُمْ لِوَاذاً فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ} أي: عن أمر الله تعالى، ولأن الأمر في هاذه الآية من الله -جل وعلا-، حيث إن الله -عز وجل-قال: {لا تَجْعَلُوا دُعَاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضاً} بعد أن نهى عن هاذه المقولة قال سبحانه وتعالى: {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ} . والأمر هنا يشمل الأمر كله، وليس المقصود به طلب الفعل على وجه الاستعلاء، يعني: ليس الأمر المقصود هنا هو الأمر القولي الذي هو طلب الفعل على وجه الاستعلاء، بل هو الطريقة والشأن {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ} أي أمر الله -عز وجل-، عن طريقته -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى-. وإذا كان مضافاً إلى النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- على القول الثاني، أي شأن النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وطريقته ومسلكه: {أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} .
والأمر يأتي بهاذا المعنى كما في قوله تعالى: {وَمَا أَمْرُ فِرْعَوْنَ بِرَشِيدٍ} [1] . أي: وما شأنه، وما طريقته، فليس المقصود بالأمر طلب الفعل على وجه الاستعلاء.
(1) سورة: هود، الآية (97) .