الإمام أحمد -رحمه الله- هو إمام أهل السنة والجماعة الذي رد الله به بدعة خلق القرآن، وكتب الله له القبول بعدها في أمة الإسلام، يقول رحمه الله: (عجبت لقوم عرفوا الإسناد وصحته) . يعني: عرفوا الإسناد وهو الطريق الذي وصل به النقل عن النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، و (صحته) أي وتمييز الصحيح من الضعيف، (يذهبون إلى رأي سفيان) . أي يتركون الحديث ويأخذون بقول سفيان، والمراد بسفيان: سفيان الثوري وهو من كبار أئمة السلف -رحمه الله-، فالإمام أحمد - رحمه الله - يتعجب من هؤلاء الذين يتركون أقوال النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ويذهبون إلى أقوال غيره من الناس، ولو كانوا في العلم من كانوا؛ لأن الأصل في التلقي والقبول والعمل أن يكون قول النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مُقدمًا على كل ذلك، فعَجَب الإمام أحمد هنا عجب استحسان أو عجب إنكار؟ عجب إنكار، ومن هاذا نفهم أن التعجب يكون منه ما هو استحسان ومنه ما هو استقباح واستنكار.
من الاستحسان قول النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (( عَجِبَ ربُّنا لشابٍّ ليس لهُ صَبْوة ) ). ومن عجب الاستنكار قول الله تعالى: {بَلْ عَجِبْتَ وَيَسْخَرُونَ} [1] . فإن هاذا عجب استنكار، ومنه أيضاً على قراءة الضم عجبتُ: {بَلْ عَجِبْتُ وَيَسْخَرُونَ} .
(1) سورة: الصافات، الآية (12) .