وقد جاء مثل ذلك أو قريب منه عن ابن عمر -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ-، فإنه كان إذا أمر الناس بالمتعة قالوا له: كيف تقول هاذا وعمر يقول كذا وكذا؟ فكان إذا أطالوا عليه البحث والنقَاش قال: أتأخذون بقول عمر وتتركون كتاب الله؟! أفقول عمر تتبعون وتذرون كتاب الله أو قول رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-؟
والشاهد من هاذا كله واحد، وهو أنه يجب ألا يعارض قول الله وقول رسوله بقول أحد من الناس أيّاً كان؛ لأن هاذا الأثر فيه الإنكار على من عارض قول الله وقول رسوله بقول أحد من الناس كائنًا من كان، بغض النظر عن السياق الذي وردت فيه هاذه المناقشة، فإنه ليس الشأن أو البحث في عين ما قال ابن عباس -أي في المسألة التي قال فيها ابن عباس هاذا القول- إنما الشأن في المعنى الذي يُشِير إليه، وهو أنه لا يجوز معارضة قول رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بقول أحد من الناس أيّاً كان القائل.
وذكرنا أن هاذا القول ذكره غير واحد من الصحابة، أو هاذا المعنى ذكره غير واحد من الصحابة -رَضِيَ اللهُ عَنْهُم-، كما قاله ابن عمر وغيره.
وقال الإمام أحمد -رحمه الله-: عجبت لقومٍ عرفوا الإسناد وصحته يذهبون إلى رأي سفيان والله تعالى يقول: {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} [1] . أتدري ما الفتنة؟ الفتنة الشرك، لعله إذا رد بعض قولِهِ أن يقع في قلبه شيء من الزيغ فيهلك.
(1) سورة: النور، الآية (63) .