الصفحة 658 من 952

ثم بين -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- سبب هاذا قال: (أقول لكم: قال رسول الله وتقولون: قال أبو بكر وعمر؟) . أي إنكم عارضتم قول النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بقول غيره، بقول أبي بكر وعمر، وهاذا موجب للعقوبة؛ لأنه متضمن للإعراض عن قول الله وقول رسوله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، ولا يجوز لأحد كائناً من كان أن يعارض قول الله وقول رسوله، بل يجب الإيمان والتسليم بقول الله وقول رسوله: {فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً} [1] ولذلك لا تجوز معارضة قول الله وقول رسوله بقول أحدٍ من الناس، كائنًا من كان القائل والمتكلم، بل الواجب التسليم والانقياد لقول الله وقول رسوله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، أما قول الله فلأنه -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- الذي له الشرع فهو الذي يحرم وهو الذي يبيح، وأما قول رسوله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فلأن الرسول هو المبُلغ عن الله -عز وجل-، فلا يجوز مخالفة أمر الله ولا أمر رسوله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، ولا يجوز معارضة قولهما بقول أحدٍ من الخلق، ولذلك كان ابن عباس -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- يقول لهم هاذا القول، وتعلمون أن النقَاش والمجَادلة يحصل فيهما مُرَادَّة وخروج في بعض الأحيان عن الصراط المستقيم، ولذلك كانوا يردون عليه ويقولون: قال أبو بكر وعمر، على قوله: (وتقولون: قال أبو بكر وعمر؟) كانوا يردون عليه ويقولون: إنهما أعلم منك برسول الله، لكن الشاهد في قول ابن عباس -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ-: (يوشك أن تنزل عليكم حجارة من السماء) وذكر السبب وهو معارضة قول رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.

(1) سورة: النساء، الآية (65) .

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام