فنقول: إن العرض تكرر ولا إشكال في ذلك، وهاذا هو اختيار شيخنا عبد العزيز بن باز رحمه الله أن العرض تكرر مرتين: عرض في مكة ليلة الإسراء، وعرض في المدينة؛ لصحة الأحاديث بالأمرين. قال: (( فرأيت النبي ومعه الرهط ) )يعني: الجماعة (( والنبي ومعه الرجل والرجلان، والنبي وليس معه أحد ) ). أي: لم يتبعه أحد. (( إذ رفع إلي سواد عظيم ) ). المقصود بالسواد الجمع الكبير، وسمي سوادًا لأنه إذا كثر المجتمعون غلب على جمعهم السواد، فكانوا سوادًا إذا قارنهم الإنسان بالفضاء المجاور لهم. (( فظننت أنهم أمتي، فقيل لي: هاذا موسى وقومه ) )، وفي هاذا إشكال: كيف لم يعرف النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أمته مع أن النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- أخبر بأنه يعرف أمته بالغرة والتحجيل؟ فالجواب على هاذا الإشكال أن يقال: يحتمل أن هاذا قبل أن يخبر بهاذه السمة التي تميز أمته عن غيرها من الأمم، فيكون قوله: (( فظننت أنهم أمتي ) )قبل أن يخبره الله بأن أمته تعرف بالغرة والتحجيل، وهاذا يرتفع به الإشكال. احتمال آخر يصلح أن يكون جوابًا على هاذا الإشكال، وهو أن يقال: إن هاذه الميزة التي يعرف أمته بها هي فيما إذا قربوا منه، أما إذا كانوا على هاذه الصفة وهاذا الحال في البعد فإنه لا يتبين له هاذا الوصف. والجواب الأول أقرب، وكلا الجوابين محتمل.