الصفحة 65 من 952

يبقى الآن الذي سلم لنا أن هاذا العرض حصل متى؟ ليلة الإسراء وكان في مكة، جاءت بعض الأحاديث تفيد أن النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أخبر بهاذا الخبر في المدينة، ففي المسند من حديث ابن عباس بسند جيد أنه قال: أبطأنا عند رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ذات ليلة، ثم غدونا عليه صباحًا فقال - وحدّث بالحديث: (( عرضت علي الأمم ) ). فاحتار بعض أهل العلم في الجمع بين الحديثين فقالوا: حدث للنبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إسراءان: إسراء في مكة وإسراء في المدينة. وهاذا قول مُطَّرح، والصحيح أن الإسراء لم يتكرر إنما هو في مكة، وأما هاذا الذي أخبر به ابن عباس وأيضًا جاء من طريق أبي هريرة -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- فيفيد أنه حصل هاذا العرض ثانية في المدينة، وعليه فيكون هاذا العرض الذي أخبر به النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- في هاذا الحديث حصل مرتين: عرض في مكة ليلة الإسراء، وعرض في المدينة كما في حديث ابن عباس وحديث أبي هريرة. ولا مانع من أن يتكرر العرض، وهاذا الذي دلت عليه الأحاديث، ونحن تبع لما جاء في الأحاديث؛ لأن الأمر لا مجال فيه للعقل، والحديثان لا يمكن أن يحملا على حادثة واحدة.

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام