الصفحة 61 من 952

قوله: (وقول الله تعالى: {إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أَمَّةً قَانِتًا لِلَّهِ حَنِيفًا وَلَمْ يَكُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ} .)

{إِبْرَاهِيمَ} إمام الحنفاء وأبو الأنبياء، خليل الرحمان صلى الله عليه وعلى آله وسلم، إبراهيم وصفه الله عز وجل في هاذه الآية بصفات عظيمة تبين درجته في التوحيد وفي تحقيقه، قال الله جل وعلا: {إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أَمَّةً} . والأمة في هاذا السياق المراد به الإمامة؛ لأنه كان إمامًا في التقى والتوحيد والإخلاص. {إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أَمَّةً} ثم بين سبب إمامته فقال: {قَانِتًا لِلَّهِ حَنِيفًا} ، {قانتًا لله} أي: طائعًا له -جل وعلا-، مقبلاً عليه ممتثلاً لأمره، مخلصًا له -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى-، فقوله: {لله} لا لغيره، فهاذا وصف من الأوصاف التي نال بها إبراهيم عليه السلام الإمامة. الوصف الثاني الذي لا يحصل لأحد الإمامة إلا به، بل لا يحصل الإسلام والإيمان إلا به قوله: {حنيفًا} . والحنيف هو المائل عن الضلالة إلى الهدى؛ لأن أصلها من الحنف وهو الميل من الضلالة إلى الهدى.

وبهاذا نعلم أنه لا يتحقّق التوحيد لأحد إلا بوصفين:

الوصف الأول: إخلاص العبادة لله -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى-.

الوصف الثاني: والكفر بغيره جل وعلا، الكفر بالطاغوت كما قال سبحانه: {فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى} . [1]

(1) سورة: البقرة، الآية (256) .

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام