(وقالها محمد -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حين قالوا له: {إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَاناً وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ} [1] . فماذا كانت النتيجة؟: {فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ} [2] . سبحان الله! وهاذا من كمال الكفاية {لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ} نفى الله -جل وعلا- مس السوء عنهم بالكلية لما قالوا: {حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ} قالوها بألسنتهم وصدقتها قلوبهم.
إذًا هاذا النوع الأول من أنواع التوكل، وهو توكل الاضطرار.
النوع الثاني: توكل الاختيار، وهو عند وجود الأسباب التي يمكن أن يأخذها الإنسان لتحصيل مطلوبه، والتوكل في هاذا القسم ينقسم الناس فيه إلى ثلاثة أقسام:
القسم الأول: من يعتمد على السبب، وهاذا شرك.
القسم الثاني: من يلغي السبب، ما ينظر إليه، وهاذا نقص في العقل؛ لأنه لا يمكن أن تُلغى الأسباب، الأسباب دل الشرع والإجماع والعقل والحس على أنها لا بد أن تُؤخذ، ما فيه شيء إلا وله سبب، فمن ألغى الأسباب وقال: الأسباب لا تنفع، فقد ألغى ما دل على ثبوته الكتاب والسنة والإجماع والعقل والحس، كل حركة وسكون لا بد فيها من سبب، لو لم يرفع الإنسان قدمه على الأرض ليمشي ما مشى، فكل شيء له سبب، لا بد، هاذا القسم الثاني من أقسام الناس في الأسباب، وهم الذين ألغوا الأسباب، وهاذا في الصوفية كثير.
(1) سورة: آل عمران، الآية (173) .
(2) سورة: آل عمران، الآية (174) .