وتبينه الآيات والأحاديث الأخرى التي تفيد أنه -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- على السماء وليست السماء ظرفًا له، على أن بعض أهل العلم ضعف هاذا الحديث لضعفٍ في رواته، وعلى كل حال على القول بتصحيحه كما ذهب إلى ذلك ابن حجر فإن الحديث معناه لا إشكال فيه، يكون معنى قوله: (( وعامرهن غيري ) )كقوله سبحانه: {أَأَمِنتُم مَّن فِي السَّمَاء} . ومعلوم أن الله -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- مستوٍ على عرشه بائن من خلقه، وهاذا لا إشكال فيه كما تقدم تقريره. (( والأرضين السبع ) ). هاذه المخلوقات العظيمة (( في كفة ) )من كفتي الميزان، (( ولا إلاه إلا الله في كفة مالت بهن لا إلاه إلا الله ) ). أي رجحت بهن لا إلاه إلا الله، ولا يكون ذلك إلا لعظيم ثقل هاذه الكلمة. وقد جاء نظير هاذا الحديث في مسند الإمام أحمد بسند صحيح أن نوحًا عليه السلام قال لابنه: (( آمرك بلا إلاه إلا الله، فإنه لو كانت السماوات السبع والأرضون السبع في كفة ولا إلاه إلا الله في كفة لمالت بهن لا إلاه إلا الله، ولو أن السماوات السبع والأرضين السبع كانت حلقة مبهمة لفصمتهن لا إلاه إلا الله ) ). (1) وهاذا يدل على عظيم تأثير هاذه الكلمة ثقلاً ونفوذًا، فإنها كلمة عظيمة. ويدلّ لذلك أيضًا حديث صاحب البطاقة عند الترمذي وغيره بسند جيد: أن النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أخبر عن رجل ينادى فيقال له: هل لك من حسنة. بعد أن تعرض عليه سيئاته، فيخاف، فيقول: لا، فيقول الله -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى-: إنك لا تظلم شيئا. فيؤتى ببطاقة مكتب عليه لا إلاه إلا الله، فيقول: ما هاذه البطاقة في تلك السجلات، فتوضع في كفة والسجلات في كفة فتطيش السجلات .. وهاذه البطاقة يقول ابن القيم رحمه الله: هي لكل موحد، لكن رجحانها بالسجلات المقابلة هاذا لا يكون لكل أحد، إنما يكون على قدر ما يقوم في قلب العبد من التّعظيم والإجلال والعمل بمقتضى هاذه الكلمة.