الصفحة 54 من 952

(( قال ) )من القائل؟ قال الله تعالى معلمًا موسى: (( يا موسى قل: لا إلاه إلا الله ) ). علمه هاذه الكلمة العظيمة، (( فقال: ) )القائل موسى عليه السلام (( يا رب كل عبادك يقولون هاذا ) ). والمقصود بعبادك هنا العبودية الخاصة، ليست العبودية العامة، المقصود عباده المؤمنون، أي: كل عبادك المؤمنين يقولون هاذا، فهو أراد شيئًا يختص به دون غيره من المؤمنين، وليس المراد أن جميع العباد مؤمنهم وكافرهم يقولون هاذا؛ لأنه معلوم أن فرعون وقومه ما أقروا بهاذا، فالخبر عن عباده المؤمنين وهم الذين آمنوا بموسى، فأراد موسى عليه السلام أن يختص بشيء دون سائر عباد الله في هاذا الوقت. (( قال: يا موسى، لو أن السماوات السبع وعامرهن غيري، والأرضين السبع في كفة، ولا إلاه إلا الله في كفة، مالت بهن لا إلاه الله ) ). هاذا فيه بيان فضل هاذه الكلمة، وأنه وإن كان الكل يقولها فإن ذلك لا يقلل من قدرها وعظيم مكانتها، ولا شك، فإن لا إلاه إلا الله أعظم كلمة: هي مفتاح الجنة، وبها يدخل الإنسان إلى الإسلام في الدنيا، وفضائلها وخيراتها كثيرة، ومن فضلها ما ذكره الله في هاذا الحديث: (( لو أن السماوات السبع وعامرهن غيري ) )السماوات السبع، السماوات معروفة، والسبع هاذا عددها، والمراد بالسماوات هنا السقف المحفوظ، وقوله: (( وعامرهن ) )أي ساكنهن، وقوله: (( غيري ) )أي سواي، والاستثناء هنا استثناء منقطع؛ لأن الله -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- ليس في السماوات ظرفًا له جل وعلا، بل هو على السماء، فيقال: إن الاستثناء هنا منقطع، ويكون المعنى: وعامرهن غيري يعني سواي، فيكون الاستثناء منقطعاً. ويمكن أن يقال: إن هاذا كقوله: {أَأَمِنتُم مَّن فِي السَّمَاء} . [1]

(1) سورة: الملك، الآية (16) ..

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام