وهاذا الحديث فيه فضل (لا إلاه إلا الله) ، وأن قولها ابتغاء وجه الله سبب للتحريم على النار، والنار هي نار العذاب التي أعدها الله للكفّار والمكذّبين، فإن الله -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- حرم على النار من قال: (لا إلاه إلا الله) يبتغي بذلك وجه الله، فأفاد هاذا الحديث أنه لا يكفي مجرد القول بل لا بد من عمل القلب، فإن قوله: (( من قال: لا إلاه إلا الله ) )هاذا يفيد قول اللسان، وأضاف إليه قيدًا آخر وهو قوله: (( يبتغي بذلك وجه الله ) )وهاذا عمل قلبي. ويمكن أن نقول: إن قوله: (( من قال: لا إلاه إلا الله ) )يشمل قول القلب وقول اللسان؛ لأن القلب له قول واللسان له قول، فلا يكفي قول اللّسان مجردًا عن قول القلب وعمله، فأشار الحديث إلى اشتراط قول القلب وقول اللسان وعمل القلب.
قول القلب واللسان من قوله: (( من قال: لا إلاه إلا الله ) ). ومعلوم أن هاذا القول لا يترتب عليه الفضل المذكور وهو تحريم النار إلا إذا كان قولاً صادقًا، وإلا فإن المنافقين يقولون: لا إلاه إلا الله، وهم في الدرك الأسفل من النار، فلم يغنهم قولهم: لا إلاه إلا الله لما تخلفت قلوبهم عن قولها.
واعلم أن كل فضل رتبه الله -عز وجل- أو رسوله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- على القول فإنه لا يكفي فيه قول اللسان، وهاذه قاعدة مهمة: كل فضل رتّبه الله -عز وجل- أو رسوله على قول اللسان لا يكفي في حصوله التلفظ فقط، بل لا بد أن يضاف إلى ذلك قول القلب وعمله، ولذلك سيد الاستغفار مثلاً الفضل المترتب عليه هل يحصل بمجرد التلفظ به دون عقل معناه ودون العمل بمقتضاه؟ الجواب: لا. التسبيح والتحميد والتكبير بعد الصلوات ما رُتب عليه من فضل هل يكفي لتحصيله أن يتكلم بها الإنسان غافلاً عن معناها؟ الجواب: لا. فإنّ الفضائل المعلّقة على الأقوال لابد أن توافقها الأفئدة قولاً وعملاً.