وقال بعض العلماء: (( أدخله الله الجنة على ما كان من العمل ) ). يعني: أن منزلته في الجنة تكون على قدر عمله، فليس المراد بدخول الجنة على ما كان من العمل أنه يدخل وإن كان عمله قليلاً، إنما المراد أن منازل الناس في الجنة على ما كانوا عليه من العمل في الدنيا، وهاذا المعنى أشار إليه بعض الشراح، وهو معنى صحيح ولكنه لا يخالف المعاني المتقدّمة، هم أتوا به لينفكوا عن المعنيين السابقين، ولكنِ المعنيان السابقان صحيحان، وأنه يدخل الجنة الموحد وإن قل عمله وإن قبح، ما لم يترك ما لا يصح الإسلام والإيمان إلا به: كالصلاة مثلاً، فإنه لا يستدل بهاذا مستدل ويقول: إن ترك الصلاة ليس بكفر؛ لأن النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال: (( من شهد أن لا إلاه إلا الله وحده ... أدخله الله الجنة على ما كان من العمل ) ). نقول: أدخله الله الجنة على ما كان من العمل إذا لم يكن هناك مانع يمنع من دخول الجنة كترك الصلاة، فإن ترك الصلاة يمنع من دخول الجنة؛ لأن تارك الصلاة كافر، كما قال النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، وكما أجمع عليه الصحابة.
كذلك لو أتى بمكفر غير هاذه الأمور، وفى بهاذه الأمور، يعني: شهد أن لا إلاه إلا الله وأن محمدًا رسول الله ... إلى آخر ما ذُكر، ولكنه سب الله مثلاً فإنه يكفر إن لم يتب، أو سب النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، أو لم يؤمن بشيء جاء به رسول الله، لا شك أنّ هاذه الأمور لا تحصل إلا من نواقص في الشهادة المتقدمة.