الصفحة 440 من 952

(عن أبي هريرة -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- أن رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال:(( اجتنبوا السبع الموبقات. ) ))

(( اجتنبوا ) )أي اتركوا، هاذا معناها لكن في الحقيقة تفسير اجتنبوا باتركوا فيه قصور؛ لأنه ترك مبالغ فيه وليس مجرّد الترك؛ لأن الترك يمكن أن تترك الشيء ويكون بقُربك، لكن اجتنبوا ترْكٌ مبالغ فيه بأن تكون في جانب والمتروك في جانب آخر.

(( اجتنبوا السبع الموبقات ) )والسّبع هنا عدد، وهاذا العدد لا مفهوم له، يعني: ليس حصراً لعدد الموبقات، إنما نصّ عليها في هاذا الحديث والأحاديث الأخرى زادت على هاذه السّبع. (( والموبقات ) )جمع موبقة، وهي المهلكات، والإيباق أصله الإهلاك كما قال الله جل وعلا: {وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمْ مَوْبِقاً} [1] أي محلاًّ للهلاك، قالوا: يا رسول الله وما هن؟ وهن موبقات باعتبار العاقبة وباعتبار الدنيا أيضاً؛ لأنها يحصل بها هلاك الناس وفساد أمورهم في دنياهم في معاشهم ومعادهم، فهي موبقة في الدنيا والآخرة وليست موبقة فقط في الآخرة، وهاذا أمر مهم ينبغي لنا أن نستحضره عند ذكر المعاصي، فالمعاصي ليست آثارها فقط على الآخرة بل حتى آثارها في الدنيا، فكل شؤم في الدنيا إنما سببه المعصية، كل شر في الدنيا مصدره المعصية، سواء كان الشر خاصّاً بالإنسان أو شرّاً عامّاً، قال الله -جل وعلا- في الشر الخاص: {وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ} [2] .

وقال في الشر العام: {ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا} [3] . (((اجتنبوا السبع الموبقات ) ). قالوا: يا رسول الله وما هن؟) فعدّهن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

(1) سورة: الكهف، الآية (52) .

(2) سورة: الشورى، الآية (30) .

(3) سورة: الروم، الآية (41) .

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام