وهاذا من -رحمة الله- بهاذه الأمة بل بالناس جميعاً؛ لأن بقاء الحق بينهم ولأن بقاءه ظاهرًا أيضاً من أسباب الأمان من الوقوع في الشرك والمضلات، وأن الحق لا ترفعه القوة، مهما عتت القوة فإنها لا ترفع الحق؛ لأن الحق أقوى من الباطل مهما بلغ في قوته، قال الله جل وعلا: {بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ} [1] ، وقال في آية أخرى: {إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقاً} [2] يعني: هاذا وصف ذاتي للباطل، مهما أوتي من قوة مادية وأوتي من قوة إعلامية وأوتي من قوة معنوية فإنه زهوق، يزهق سريعاً ويضمحل سريعاً، بخلاف الحق، فإن بقاءه وثباته ظاهر ولا يتزعزع، بل هو راسٍ رسوّ الجبال، الله يثبتنا وإياكم على الحق.
[المتن]
العاشرة: الآية العظمى أنهم مع قلتهم لا يضرهم من خذلهم ولا من خالفهم.
[الشرح]
وهاذا لا يكون إلا بتأييد الله -عز وجل- ونصره، فإنهم مع قلتهم وقلة ذات يدهم وكثرة خصومهم إلا أن الله -جل وعلا- كتب لهم البقاء، فبقاؤهم بإبقاء الله عز وجل، وإلا لو نظر الإنسان للأسباب المادية لكان زوال الحق منذ أزمان بعيدة؛ لكثرة المتسلط على الحق والدّاعي للباطل، لكن الله -جل وعلا- يحفظ هاذا الدين ويعلي رايته، ويبعث من يجدده على رأس كل مائة سنة، والله -عز وجل- حافظ دينه وناصر أهله وأولياءه.
فالدين ممتحن ومنصور فلا ... تعجب فهاذي سنة الرحمان
كما قال ابن القيم رحمه الله.
[المتن]
الحادية عشرة: أنّ ذلك الشّرط إلى قيام الساعة.
[الشرح]
شرط وهو الحفظ والبقاء على هاذه الصّفة من الظهور والنصر حتى يأتي أمر الله، وفي رواية ثانية: حتى تقوم الساعة.
[المتن]
الثانية عشرة: ما فيهن من الآيات العظيمة، منها إخباره بأن الله زوى له المشارق والمغارب، وأخبر بمعنى ذلك فوقع كما أخبره، بخلاف الجنوب والشمال.
[الشرح]
(1) سورة: الأنبياء، الآية (18) .
(2) سورة: الإسراء، الآية (81) .