الصفحة 421 من 952

الثاني: أنها عاطفة، فيكون المعنى: ولكن الذي يقع هو أن بعضهم يهلك بعضًا ويسبي بعضهم بعضًا، فيكون إخباراً عن ما يقع في الأمة من خلاف وشقاق واضطراب، وهاذا يصدقه الواقع منذ أزمان بعيدة من أواخر عهد الصحابة رضي الله عنهم، والأمة وقع تسليط بعضها على بعض.

والظاهر في المعنى هو المعنى الثاني: أنها للعطف وليست للغاية؛ لأنه لم يقع أن الله -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- سلط عدوّاً على الأمة يستبيح بيضتها، حتى في مراحل الضعف ومراحل التدهور لم يقع أن الله -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- سلط على الأمة من يستبيح بيضتها ويأخذ جميع ما في يدها، بل بقيت ولله الحمد بلاد كثيرة من بلاد المسلمين تحت أيديهم، هم الذين يحكمونها وهم الذين يتصرفون فيها.

والشاهد من هاذا الحديث لم يأت؛ لأن الشاهد هو أن من هاذه الأمة من يعبد الأوثان، وهو في ما رواه البرقاني في صحيحه، قال المؤلف -رحمه الله- بعد ذكر رواية مسلم: (ورواه البرقاني) وهو أبو بكر أحمد بن محمد بن غالب الخوارزمي (روى البرقاني في صحيحه هاذا الحديث وزاد عليه:(( وإنما أخاف على أمتي الأئمة المضلين ) )). (( وإنما أخاف ) ): وهاذه أداة حصر، فبين رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أن ما يخافه على أمته ليس ما تقدم مما جرى منه التأمين، وهو ألا يسلِّط عليهم عدوّاً من سوى أنفسهم فيستبيح بيضتهم، وألا يهلكهم بسنة بعامة (( إنما أخاف على أمتي ) )والمقصود بالأمة: أمة الإجابة (( الأئمة المضلين ) )الأئمة جمع إمام، وهو من يُتّبع، ويصدق هاذا على كل من كان إماماً للناس يقتدى به ويصدر عن قوله وأمره، سواء كان في أمر الدين أو في أمر الدنيا.

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام