والبسملة الكلام فيها مشهور معروف وما أظن أننا بحاجة إلى تكراره فهو متكرر كثيًرا في الكتب، إنما نعرف أن البداءة بالبسملة تبركٌ باسم الله -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- وطلبٌ لفتحه ورحمته، يستفتح الإنسان بهاذه الأسماء العظيمة التي عنها تصدر الخيرات: باسم الله العظيم، وباسمه الرحمان، وباسمه الرحيم، فإنها اشتملت على ثلاثة أسماء من أسماء الله عز وجل: الله، الرحمان، الرحيم.
ومما يقال في البسملة: إنها جملة مفيدة. هاذا اعرفه واضبطه، ثم اعلم أن العلماء اختلفوا: هل هي جملة اسمية أم فعلية؟ ومنشأ خلافهم اختلافهم في التقدير: هل يقدِّرون اسمًا أم فعلاً؟ الذين قدروا الفعل قالوا: لأن الأصل في العمل للفعل، والذين قدروا الاسم قالوا: إن الاسم هو أصل الأفعال، فمنه تشتق الأفعال. والذي عليه جمهور أهل النحو وأهل اللغة أن البسملة جملة فعلية؛ لأنّ المقدر فيها فعل، واختار شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - أنها جملة اسمية؛ لأنه قدر متعلق البسملة باسم.
ومما يقال أيضًا ويُذكّر به أن هاذا الاسم أو الفعل الذي تعلق به الجار والمجرور أفضل ما قيل فيه تقديره بمناسب، أن يكون فعلاً مناسبًا يناسب حال القائل لهاذه الجملة: فعند القراءة تقول: باسم الله أقرأ، وعند الذبح تقول: باسم الله أذبح، وعند الأكل: باسم الله آكل ... وهلم جرّاً، يكون الفعل المقدر الذي تعلقت به الباء في البسملة فعلاً مناسبًا .. وهكذا.