ثم إنه لم يُجمع ما يتعلق بهاذا الباب من أبواب العلم وهو ما يتعلق بتوحيد العبادة كما جُمِّع في هاذا المصنف، فإنك تجد من كلام أهل العلم ما يتعلق بتوحيد العبادة مُفرَّقًا في ثنايا كلامهم، سواءً في التفسير أو في كتب العقيدة، ولكن الشيخ جمع النظير إلى نظيره والشبيه إلى شبيهه، فهاذا الكتاب خرج بهاذا الشكل البديع، فجزاه الله خيرًا ونفع الله به الأمة.
وهاذا الكتاب ألفه الإمام قبل أن يذيع صيتُه وقبل أن تشتهر دعوته، فممَّا قيل: إنه ألفه لَمَّا كان في البصرة يتلقى عن علمائها في رحلته لطلب العلم، ولعل الشيخ - رحمه الله - بدأ الكتاب في البصرة، وأعاد وأبدأ فيه حتى خرج بهاذا العقد البديع والنظم الذي يَعجَب منه المُطالِع من حُسْن تصنيفه وبديع سبكه.
المؤلف - رحمه الله - بدأ هاذا الكتاب كسائر أهل العلم بالبسملة تأسيًا بكتاب الله، فإن الله -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- افتتح كتابه بالبسملة، وتأسيًا برسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- واقتداء بسنته، فإن رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كان يفتتح كتبه بذكر البسملة، وعلى هاذا جرى أهل العلم قديمًا وحديثًا يفتتحون كتاباتهم باسم الله -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى-، وقد ورد في هاذا حديث ولكنه ضعيف لا يستند إليه في سُنِّية البداءة بالبسملة، وإنما المستند في سنية البداءة بالبسملة في الكتابات إلى كتاب الله وما جرى عليه عمل النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وما سار عليه وسلكه سلف الأمة.