كأنَّه -رحمه الله- يشير إلى قول من قال: إنَّ ما يجري حول قبر النّبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- من الأفعال ليس من الشرك؛ لأنَّ النبيَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال: (( اللهم لا تجعل قبري وثنًا يعبد ) ). والنبي مجاب الدعوة، فعلى هاذا ما يجري من التوجه إلى القبر وما يجري من الاستغاثة بصاحب القبر كل هاذا ليس من الشرك؛ لأن النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال: (( اللهم لا تجعل قبري وثناً يعبد ) )وهو مجاب الدعوة.
والجواب على هاذا:
أنَّ النبيَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- سأل سؤالاً خاصّاً وهو أن لا يقع الشرك بقبره، وهاذا لم يكن، وليس المراد في ما حول القبر مما لا يباشره، هاذا وجه.
والوجه الثاني: إذا أبوا أن يُسَلِّموا بهاذا الوجه فنقول: إنَّ دعاء النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لا يلزم أن يكون مجابًا في كلِّ ما سأله وفي كل ما دعا به، لا هو ولا غيره، فإنَّه -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- سأل ربه ثلاثة أمور فأعطي أمرين ومنع الثالث، وإبراهيم عليه السّلام سأل ربه ومنع من بعض ما سأل في قوله: {وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الأَصْنَامَ} [1] على القول بأن بنيه يشمل كل ذريته وليس ذرية الصلب، فإن قريشاً من ذريته ووقعوا في الشرك.
المراد أنه يجاب عليهم أولاً بأنً المراد بقول النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (( اللهم لا تجعل قبري وثنًا يعبد ) )أي: لا تجعله سببًا لوقوع الشرك، بأن يسجد عليه أو يسجد إليه أو يقبل أو يؤخذ شيء من التراب الذي عليه، وما أشبه ذلك من أفعال الشرك المتعلقة بالقبر نفسه.
فإن أبَوا هاذا المعنى وقالوا: إنَّ ما يجري دليل على عدم الوقوع، نقول: لا يلزم من دعاء النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- تحقق الإجابة.
(1) سورة: إبراهيم، الآية (35) .