الصفحة 385 من 952

على كل حال نقول: إنَّ المرأة إذا مرَّت على المقابر في طريقها فإنَّ السنة أن تقول ما قاله رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لعائشة: (( السلام عليكم أهل الديار من المؤمنين والمسلمين ) ). لكن لا تقصد الزيارة؛ لأن الحديث واضح في النهي: (لعن رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- زائرات القبور) .

ثم على فرض أنَّ الحديث فيه ما يشير وما يدل على جواز الزيارة، فإننا نقول: إنَّ هاذا الحديث محتمل، ولعنه -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- زائرات القبور ليس بمحتمل، بل هو محكم في النهي عن هاذا.

والقاعدة في ما إذا كان عندنا نص محكم ونص متشابه: ردّ المتشابه إلى المحكم، وهاذا هو الصحيح في هاذه المسألة التي اختلف فيها أهل العلم من حيث حكم الزّيارة.

ثم قال: (والمتّخذين عليها المساجد والسرج) . أي: لعن رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أيضًا (المتّخذين عليها) -أي على القبور- (المساجد) ، (لعن رسولُ الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- زائرات القبور، والمتخذين عليها المساجد) وقد تقدم الكلام على هاذا.

وقوله: (والسرج) أي: الإضاءة على اختلاف صورها، وإنما ذكر السرُج لأنه ما يعتاده النّاس في الإضاءة في ذلك الوقت، فالآن لو وضعوا"أكباساً"أو"لمبات"الحكم واحد؛ لأن النهي عن أن تعظّم القبور بأي نوع من أنواع التعظيم، فالعِلَّة في لعن النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- اتخاذ السرج على القبور هي أن ذلك يُصَيِّرها أوثانًا تُعبَدُ من دون الله؛ لأنه من صور تعظيمها، والقبور ليست محل تعظيم ولا محل رغبة، بل هي محل عظة وعبرة، فلذلك لا يجوز إحداث ما يكون سببًا للوقوع في الشرك.

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام