قال: (وقال أبو هريرة: من أسعد الناس بشفاعتك؟ قال:(( من قال: لا إلاه إلا الله خالصًا من قلبه. ) )) وهاذا يبيّن لنا أنه بقدر تحقيق العبد للتّوحيد يحصل له شفاعة النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، وأسعد الناس يعني: أوفى الناس حظّاً، وأعظم الناس نصيبًا من شفاعة النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- هو من قال: لا إلاه إلا الله خالصًا من قلبه.
فبقدر تحقيق العبد للتوحيد بقدر ما يحصل له من الشّفاعة، وهاذا ندب إلى تحقيق التوحيد.
والنصوص التي وردت في شفاعة النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- نوعان:
نوع ذكر فيها: أن أسعد الناس بشفاعته (( من قال: لا إلاه إلا الله خالصاً من قلبه ) ).
والنوع الثاني: أنّ النّبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال: (( من سأل الله لي الوسيلة فقد حلت له شفاعتي ) ). وانظر الفرق بين التعبيرين: هناك قال: (حلّت) يعني أبيحت وثبتت له، لكن في هاذا الحديث بين أن أوفى النّاس نصيبًا من شفاعة النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- هم أعظم الناس تحقيقًا.
وبهاذا نعلم أن الناس في حصول شفاعة النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لهم على درجات، وليسوا على درجة واحدة:
فمنهم من تحل له الشفاعة ويستحقها.
ومنهم من يكون له منها النصيب الأعلى والحظ الأوفى.
(( من قال: لا إلاه إلا الله خالصاً من قلبه ) )، قال: (فتلك الشفاعة لأهل الإخلاص بإذن الله.) هاذا من كلام شيخ الإسلام -رحمه الله-، فهي شفاعة لأهل التوحيد، وهاذا بيان لما أجملته الآيات في قوله تعالى: {لِمَنْ يَشَاءُ وَيَرْضَى} [1] فالرّضا هو الرضا بمن كان موحدًا، وليس الرضا مجملاً لا يدرى ما هو، إنما الرضا هو بالتوحيد.
قال: (فتلك الشفاعة لأهل الإخلاص بإذن الله، ولا تكون لمن أشرك بالله.) لأن الله لا يرضى الشرك.
(1) سورة: النجم، الآية (26) .