بعد هاذا السياق للآيات التي بيَّن فيها المؤلف -رحمه الله- أنواع الشفاعة وما يثبت منها مما لا يثبت، نقل عن شيخ الإسلام -رحمه الله- كلامًا شارحًا موضحًا فقال: (قال أبو العباس) وهاذه كنية الإمام تقي الدين أحمد بن عبد الحليم، شيخ الإسلام رحمه الله.
وهاذا النقل من المجلد السابع في الصفحة السادسة والسبعين أو السابعة والسبعين، يقول: (قال أبو العباس: نفى الله عما سواه كل ما يتعلق به المشركون: فنفى أن يكون لغيره ملك أو قسط منه -أي: قسط من الملك-، أو يكون عوناً لله، ولم يبق إلا الشفاعة -يعني: بعد هاذا النفي لم يبق إلا الشفاعة-، فبين أنها لا تنفع إلا لمن أذن له الرب، كما قال: {وَلا يَشْفَعُونَ إِلا لِمَنِ ارْتَضَى} . فهاذه الشفاعة التي يظنها المشركون أنها لهم هي منتفية يوم القيامة، فلا يحصل بها النفع لهم ولا يحصل بها الخير لهم، كما نفاها القرآن، وأخبر النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أنه يأتي فيسجد لربه ويحمده، لا يبدأ بالشفاعة أولاً.)
وهاذا فيه بيان الشفاعة المثبتة في كتاب الله عز وجل وسنة رسوله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، وهي الشفاعة لأهل التوحيد بعد إذن الله -عز وجل- ورضاه.
وأعظم هاذه الشفاعات شفاعة النبيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- في الموقف لأهل الموقف، وهي التي أشار إليها الشيخ -رحمه الله- في نقله هاذا.
قال: (وأخبر النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أنه يأتي فيسجد لربه ويحمده) . وهاذا المجيء بعد أن يطلب أهل الموقف الشفاعة من آدم ثم نوح ثم إبراهيم ثم موسى ثم عيسى، كلهم يحيل إلى الآخر، فإذا جاؤوا إلى عيسى عليه السلام أحالهم إلى محمد -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فيقول: أنا لها أنا لها.