سبحانه وبحمده، ولذلك الله -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- لا يخاف جوره بل يخاف عدله، ويؤمّل ويرجى فضله، بخلاف غيره، فإنه يخاف جوره -ظلمه-، فإن الله قد حرم الظلم على نفسه وجعله بين خلقه محرمًا: {إِنَّ اللَّهَ لا يَظْلِمُ النَّاسَ شَيْئًا} [1] . إنما يخاف عدله -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى-، فلو أجرى قانون العدل في خلقه كان ذلك سببًا لهلاكهم؛ لأنه مهما كان فعل العبد فلا يوفّي ما ينبغي أن يقوم به لله -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى-.
العلماء ذكروا أجوبة عن سبب تحديث معاذ بهاذا الحديث، مع أن النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال: (( لا تبشّرهم ) ). فقالوا: إنه أخبر به تأثمًا خشية كتمان العلم، وقيل: أخبر به لما استقرت شرائع الدين وأمن من المحظور في قوله: (( فيتكلوا ) ). وقيل: أخبر به -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- لأن النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لم يمنعه ابتداءً، إنما أخبره بالخبر ثم أشار عليه بألا يبشِّر لما سأله: هل أبشر الناس أو لا؟ وهاذا الجواب فيه ضعف.
وعلى كل حال أخبر به اجتهادًا. ولا حجة فيه للمستهترين الذين يقولون: يكفي في التوحيد قول اللسان؛ لأن حق الله -عز وجل- عظيم والتوحيد أصله، ولا يعني أنه ليس له إلا ذلك وليس على العبد إلا هاذا، بل هاذا أصل الحقوق، وبقيّتها بينتها النصوص في القرآن والسنة بيانًا واضحًا شافيًا.
[المتن]
فيه مسائل:
الأولى: الحكمة في خلق الجن والإنس.
[الشرح]
وهي العبادة: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنْسَ إِلا لِيَعْبُدُونِ} .
[المتن]
الثانية: أن العبادة هي التوحيد؛ لأن الخصومة فيه.
[الشرح]
وذلك في قوله: {وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولاً} .
[المتن]
الثالثة: أن من لم يأت به لم يعبد الله، ففيه معنى قوله: {وَلا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ} .
الرابعة: الحكمة في إرسال الرسل.
الخامسة: أن الرسالة عمّت كل أمة.
(1) سورة: يونس، الآية (44) .