الصفحة 249 من 952

نهى الله رسوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وهو نهي لكل أحد، لكل من بلغه الخطاب- {وَلاَ تَدْعُ مِن دُونِ اللّهِ} والدعاء المنهي عنه أي أنواع الدعاء؟ هو دعاء العبادة ودعاء المسألة كما ذكرنا؛ لأن النهي عن الدعاء هو نهي عن نوعيه: دعاء العبادة الذي يشمل الصلاة والزكاة والحج وجميع العبادات، ودعاء المسألة الذي هو طلب الحوائج من الله تعالى. فنهى الله تعالى عن صرف العبادة لغيره، ونهى أيضاً عن سؤال غيره -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- من دون الله. {مَا لاَ يَنفَعُكَ وَلاَ يَضُرُّكَ} هاذا فيه التعليل للنهي، ما علة النهي؟ لماذا نهى الله عز وجل عن دعاء غيره؟ لأنه لا ينفع ولا يضر، ومن كان لا ينفع ولا يضر فإنه من الجهل والحماقة وسوء العقل أن يصرف له الدعاء. {فَإِن فَعَلْتَ} يعني: إن أبيت ولم تنظر إلى ما أمرك الله به {فَإِنَّكَ إِذًا مِّنَ الظَّالِمِينَ} ؛ {فَإِن فَعَلْتَ} أي دعوت غير الله -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- دعاء مسألة أو دعاء عبادة، {فإنك} الخطاب لمن وجه إليه الخطاب {فَإِنَّكَ إِذًا مِّنَ الظَّالِمِينَ} ، والظلم هنا هو الظلم الأكبر، وهو الشرك الذي فيه قول الله تعالى: {إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ} .

الخطاب على القول بأنه للنبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فهاذا يفيد احتمال وقوع ذلك منه , أو بيان مرتبة العمل ولو لم يكن واقعًا منه؟

هاذا فيه بيان مرتبة العمل، مثل قوله تعالى: {لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ} [1] ففائدة مثل هاذا هي بيان مرتبة العمل، أما من حيث الوقوع فإن الله عز وجل قد عصمه من الوقوع في المعاصي الكبار، فضلاً عن الشرك.

(1) سورة: الزمر، الآية (65) .

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام