قال: (( من شر ما خلق ) ). والشر ضد الخير، وهو: ما يقبح من القول أو الفعل، فوجه النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- المؤمن إلى أن يستعيذ بكلمات الله الكونية القدرية من شر ما خلق. (( ما ) )هنا بمعنى الذي، أي: من شر الذي خلق، وهل هاذا يشمل جميع الخلق؟ لا يشمل جميع الخلق؛ لأن من الخلق ما لا شر فيه كالجنة. وقال بعض العلماء: والملائكة وما أشبه ذلك مما لا شر فيه من الخلق، فيكون المعنى: من شر ما خلق أي من شر الخلق الذي فيه الشر، وليس كل مخلوق فيه شر.
قال: (( لم يضره شيء ) ). وهاذه أيضاً نكرة في سياق النفي، فيشمل الضرر الحسي والضرر المعنوي، كما ينزل بالإنسان من ضيق الصدر وما أشبه ذلك، هاذا هو المعنوي، والحسي كتسلط الآفات عليه والهوام وما أشبه ذلك. (( لم يضره شيء حتى يرحل من منزله ذلك ) )يعني: من هاذا المنزل الذي ابتدأ نزوله بقوله: (( أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق ) ).
والشاهد في هاذا الحديث الاستعاذة بالله عز وجل، وأنه لا يستعاذ إلا به -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- وبصفاته، وهاذا أمان مؤقت أم مطلق؟ مؤقت بقوله: (((حتى يرحل من منزله ذلك ) ). رواه مسلم.)
[المتن]
فيه مسائل:
الأولى: تفسير آية الجن.
الثانية: كونه من الشرك.
[الشرح]
وجه ذلك: {فَزَادُوهُمْ رَهَقًا} أي كفرًا وطغيانًا، والوجه الذي ذكرناه أنه عبادة ودعاء، فصرفه لغير الله يكون من الشرك.
[المتن]
الثالثة: الاستدلال على ذلك بالحديث؛ لأنّ العلماء يستدلون به على أن كلمات الله غير مخلوقة، قالوا: لأنّ الاستعاذة بالمخلوق شرك.
[الشرح]
وقد عرفتم أن من استدل بهاذا الإمام أحمد -رحمه الله- في مناظرته للمعتزلة في مسألة خلق القرآن.
[المتن]
الرابعة: فضيلة هاذا الدعاء مع اختصاره.
[الشرح]