أما الآية فهي: (وقول الله تعالى: {وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِّنَ الإِنسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِّنَ الْجِنِّ فَزَادُوهُمْ رَهَقًا} [1] .)
هاذه الآية صلة ما ذكره الجن في سورة الجن، قالوا مخبرين عن أنفسهم: {وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِّنَ الإِنسِ يَعُوذُونَ} أي يطلبون العوذ {بِرِجَالٍ مِّنَ الْجِنِّ} فماذا كانت عاقبتهم؟ {فَزَادُوهُمْ رَهَقًا} أي: فزاد الإنسُ الجنَّ رهقاً، فالفاعل هم الإنس زادوا الجن رهقاً.
الرهق في لغة العرب يطلق على الإثم وغشيان المحارم والمعاصي، فيكون المعنى: أن الإنس لما استعاذوا بالجن زادوا الجن إثماً ووقوعاً في المعاصي والمآثم، وجه ذلك: أن الجن استكبروا وطغوا لما استعاذ بهم الإنس، فإن العرب في جاهليتهم كانوا إذا نزل أحدهم في واد من الأودية قال: أعوذ بسيد هاذا الوادي من سفهاء قومه. فتعاظم الجن في أنفسهم وقالوا: سُدنا على الإنس والجن. فكان ذلك سببًا لطغيانهم ولاستطالة شرهم، هاذا معنى قوله تعالى: {فَزَادُوهُمْ رَهَقًا} .
وجه الشاهد من الآية قوله تعالى: {يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِنَ الْجِنِّ} . فإن الاستعاذة الشركية كانت سببًا في زيادة الطغيان والكفر من الجن، ومن هاذه الآية يستفاد أنه لا يجوز الاستناد في الاستعاذة على غير الأسباب الظاهرة.
فالأسباب الخفية ليس لها اعتبار في الشرع
(1) سورة: الجن، الآية (06) .