الصفحة 24 من 952

ثم ذكر بعد ذلك في آخر هاذا التقديم لهاذا المقطع من كتابه: (وعن معاذ بن جبل -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- قال: كنت رديف النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- على حمار) . الرديف هو الذي يَركب في الخلف (فقال لي:(( يا معاذ! ) )). القائل رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-. (( يا معاذ! أتدري ما حق الله على العباد، وما حق العباد على الله؟ ) )لم يذكر معاذ إلى أي شيء كانا ذاهبين هو ورسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، إنما ذكر أنه كان معه على هاذه الصفة، وأن رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- سأله هاذا السؤال: (( ما حق الله على العباد؟ وما حق العباد على الله؟ ) )وهما سؤالان. (قلت: الله ورسوله أعلم) أجاب معاذ بن جبل بهاذا الجواب، وهو جواب متكرّر من صحابة رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- في كثير من الأسئلة التي يوردها عليهم: (الله ورسوله أعلم) . وفيه رد العلم إلى عالمه، فإنه رد علم ذلك إلى الله -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- وإلى رسوله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فقال مبينًا: (( حق الله أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئًا ) )إفراده بالعبادة، هاذا حق الله على عباده: إفراده بالعبادة، أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئًا كائنًا ما كان، وهاذا فيه ما تقدم من المعنى الذي قررته الآيات السابقة من وجوب إفراد الله بالعبادة وحده لا شريك له، وهاذا واضح. ثم قال: (( وحق العباد على الله ألا يعذب من لا يشرك به شيئاً ) ). هاذا حق العباد على الله، فحقّهم إذا قاموا بما أمروا به أن يجزيهم هاذا الجزاء: أن يؤمنهم من العذاب، وليس الأمر واقفًا عند التأمين من العذاب، بل فضل الله واسع، فإن أمْنهم من العذاب سبب لدخول الجنة أو يتضمّن دخول الجنة، وإن كان الإنعام يحصل بالأمرين: التأمين من العذاب نعمة، ودخول الجنة نعمة.

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام