ننظر إلى الترجمة: قال رحمه الله: (باب من تبرك بشجر) ، عندكم شجرة أم شجر مفرد؟ وجهان، (من تبرك بشجرةٍ أو حجرٍ ونحوهما) .
(مَنْ) هنا شرطية، وفعل الشرط: (تبرّك) ، والفاعل لم يذكره وهو ضمير يعود على اسم الشرط المتقدم.
المهم، أين جواب الشرط؟ لكل شرط لا بد من جواب، فأين جواب الشرط في الترجمة؟
المؤلف -رحمه الله- لم يذكر جواب الشرط، وقدره بعض الشرَّاح فقال: فهو مشرك، فيكون جواب الشرط الذي تكتمل به الترجمة ويتم به الكلام: (من تبرك بشجرة أو حجر ونحوهما) فهو مشرك. ولعل الشيخ -رحمه الله- لم يذكر جواب الشرط لأنه معلوم من النصوص التي ضمّنها الباب، فإن الشيخ -رحمه الله- ذكر في هاذا الباب آية وحديثًا يدلان على أن من تبرك بشجر أو حجر أو نحوهما فإنه واقع في الشرك أو في أسبابه، ويتبيّن هاذا -إن شاء الله- تعالى من النصوص.
قوله رحمه الله تعالى: (من تبرك) .
(تبرّك) على وزن تفعّل، وهاذا الوزن يأتي على أوجه كثيرة ومعانٍ عديدة، المقصود به هنا: من طلب البركة، أو من اتخذ الشجر والحجر لأجل البركة، فهو من باب الطلب أو من باب التصيير، التصيير يعني صير الشجر والحجر محلاًّ لأخذ البركة، أو للتبرك، وهاذا الوزن يصلح لهاذا ولهاذا، يعني: يصلح تفعل بمعنى الطلب وبمعنى التصيير، فهو يفيد أيضًا معنى الصيرورة.
طيب، قوله رحمه الله: (بشجر) . وفي بعض النسخ (بشجرة) .
الشجر معروف، والمراد به النبات الذي له ساق.
(أو حجر) : أيضًا الحجر معروف.
قوله: (ونحوهما) أي: مما يشابه الشجر والحجر في كونه ليس مصدرًا لأخذ البركة، وهاذا يفيدنا إخراج ما دل الدليل على أنه يتبارك به وتؤخذ منه البركة، فإن الله -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- قد جعل بعض عباده مباركًا، والبركة إما بركة ذوات أو بركة منافع وأعمال.