الصفحة 12 من 952

قال: {إِلا لِيَعْبُدُونِ} هاذا حصر، والحصر هنا من أجل عموم المقاصد والأغراض، يعني لم يخلقهم لشيء إلا لعبادته -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى-، هاذا حصر من عموم الأغراض والمقاصد.

لكن اعلم - بارك الله فيك - أن الغرض من الخلق نوعان: هاذه الآية بينت الغاية المرادة بالخلق، لو قيل لك: ما الغاية المرادة بالخلق؟ تقول: العبادة.

قوله تعالى: {وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ لِيَجْزِيَ الَّذِينَ أَسَاؤوا بِمَا عَمِلُوا وَيَجْزِيَ الَّذِينَ أَحْسَنُوا بِالْحُسْنَى} [1] ، هاذه بينت الغاية من الخلق أيضًا، فإن ملك الله عز وجل وخلقه لما في السماوات والأرض لماذا؟ {لِيَجْزِيَ الَّذِينَ أَسَاؤوا بِمَا عَمِلُوا وَيَجْزِيَ الَّذِينَ أَحْسَنُوا بِالْحُسْنَى} وهاذه هي الغاية التي تراد من الخلق. عندنا قسمان: الغاية من الخلق عبادة الله، والغاية التي يصير إليها الخلق هي الجزاء على الأعمال؛ الإحسان بالإحسان والإساءة بما يليق بها، فعندنا غاية مطلوبة وغاية ينتهي إليها الأمر: الغاية المطلوبة هي العبادة، والغاية التي ينتهي إليها الأمر هي قوله عز وجل: {فَرِيقٌ فِي الْجَنَّةِ وَفَرِيقٌ فِي السَّعِيرِ} [2] . فالناس صائرون إلى هاذا المآل كما دلّ عليه قوله تعالى: {وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ لِيَجْزِيَ الَّذِينَ أَسَاؤوا بِمَا عَمِلُوا وَيَجْزِيَ الَّذِينَ أَحْسَنُوا بِالْحُسْنَى} [3] . ففهم من هاذا أن الحصر هنا للأغراض المطلوبة من الخلق، فإنما أُوجِدوا وخُلقوا لتحقيق العبودية لله عز وجل، وقوله: {لِيَعْبُدُونِ} اللام هنا للتعليل، ويعبدون أي يوحدون كما قال ابن عباس وغيره من المفسرين، فالعبادة هنا هي التوحيد.

(1) سورة: النجم، الآية (31) .

(2) سورة: الشورى، الآية (7) .

(3) سورة: النجم، الآية (31) .

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام