فهاذا خطاب، أمَرَ الله رسوله أن يخاطب المشركين فيسألهم هاذا السؤال: {مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ} هاذا فيه إثبات الرزق {أَمَّنْ يَمْلِكُ السَّمْعَ وَالأَبْصَارَ} هاذا فيه إثبات الملك {وَمَنْ يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ} فيه إثبات الخلق {وَمَنْ يُدَبِّرُ الأَمْرَ} فيه إثبات التدبير.
الجواب: مَن الذي سيقول؟ المشركون الذين بعث فيهم رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- {فَسَيَقُولُونَ اللَّهُ فَقُلْ أَفَلا تَتَّقُونَ} أي: تتقون الشرك، وتذرون ما أنتم عليه من شرك، وتذرون ما أنتم عليه من تكذيب للرسول -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-؟
ولم يذكر في السياق ما يُتَّقى ليعم كل ما يجب اتقاؤه، كما مضى في قواعد التفسير.
هاذه الأنواع الثلاثة هل وردت مجموعة في كتاب الله عز وجل؟
الجواب: نعم، وردت في آية في سورة مريم، وهي قوله تعالى: {رَبِّ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا} وهاذا فيه إثبات للربوبية {فَاعْبُدْهُ وَاصْطَبِرْ لِعِبَادَتِهِ} وهاذا فيه إثبات للإلهية {هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا} [1] هاذا فيه إثبات أسمائه وصفاته، وأنه المنفرد بكمال الأسماء والصفات، معنى الآية أي: هل تعلم له نظيرًا ومثيلاً وشبيهًا؟ تعالى الله عن ذلك.
وبعد هاذا التقديم لهاذا الكتاب نلج فيما ذكره رحمه الله.
قال: (كتاب التوحيد.) ، ثم قال: (وقول الله تعالى.) ولم يجعل المؤلف مقدمة بين يدي كتابه، وهاذا ليس بغريب، اكتفى بالبسملة وشرع في مقصوده، وهاذا مسارعة منه - رحمه الله - في بيان ما يريد الحديث عنه والكتابة فيه.
قال رحمه الله تعالى: (قول الله تعالى: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإنْسَ إِلا لِيَعْبُدُونِ} [2] .)
(1) سورة: مريم، الآية (65) .
(2) سورة: الذاريات، الآية (56) .