فهرس الكتاب
الصفحة 45 من 117

الشاهد للمؤلف ما قاله بعض من يدعي لنفسه الفهم والاستنباط في الشريعة في هذا الزمان أنه لا يوجد حكم شرعي في غير العبادات إلا وهو قابل للتغيير، ويستدل على ذلك بأمور ككون الأحكام تتغير بتغير الزمان، وقوله - صلى الله عليه وسلم: «إذا أمرتكم بشيء من أمور دنياكم، فإنما أنا بشر» ، وقولهم: درء المفاسد مقدم على جلب المصالح، وهكذا أخذ بهذه الأمور على غير وجهتها، ولم يرجع إلى أهل العلم بها ليفهم معناها، فهدم بهذا الشريعة كلها، ولم يبق بيده من كلياتها سوى أن الشريعة وضعت للمصلحة، وطبعا المصلحة هي ما يوافق هواه، وما يظهر له ببادئ الرأي؛ لأنه لا يفهم مقاصد الشريعة إلا ما يزعمه هو مقصدا ومصلحة) اهـ.

ومن خاض بحر الشريعة من غير إتقان للسباحة فهو آثم وغير معذور .. قال ابن تيمية رحمه الله في [موافقة الصحيح المنقول الصريح المعقول] :(إن هؤلاء ليسوا معذورين في خطئهم إذا سلكوا مسالك غير صحيحة، فإما أن الإنسان يسلك مسلكا غير شرعي في بحث الموضوع وتكون لديه القدرة العلمية، أو يسلك مسلكا شرعيا، ولكنه عاجز علميا ولم يستوعب أدلة الموضوع ولم يبحثه وليست لديه قدرة على استيعابه، فالتكلم بغير علم راجع إلى: إما فقدان القدرة العلمية، أو خطأ التوجه فإنه يبحث في الموضوع بوجهة غير الوجهة الشرعية.

الذي يتكلم بغير عدل: الذي يتكلم انتصارا لطائفته، فهو يقدم الهوى بين يدي الدليل؛ بحيث يكون الدليل منقادا لا قائدا، فهذا الذي يتكلم بغير عدل.

أما الإنسان فعلا إذا استوفى القدرة العلمية، وسلك في موضوع معين مسلكا شرعيا في بحثه، وكان يقصد فعلا الحق، ولم ينتصر لأي شيء آخر، فهذا يكون قد تكلم بعلم وعدل، وإذا تكلم بعلم وعدل فإن كلامه سوف يدور بين ثلاثة أشياء؛ إما أن يكون:

أ: راجح، فله أجران.

ب: مرجوح، فله أجر.

جـ: أو زلة علماء، فيكون معفوا عنه.

إذا الإنسان تكلم بغير علم وبغير عدل، فسواء أصاب أو أخطأ فهو موزور آثم، خرج من نطاق العفو ومن نطاق الثواب)اهـ.

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام