حاله إلى بيت المقدس، لا حول ولا قوة إلا بالله، فسكن بها حتى مات، وبها قبره، ويقصد ويزار من خراسان وغيرها، الله المستعان، نسأل الله السلامة والهداية.
35 -وَسَقَّفَ هَذَا الأَشْعَرِيُّ كَلاَمَهُ * * * وَأَرْبَى عَلَى مَنْ قَبْلَهُ مِنْ ذَوِي الدَّبَرْ
36 -فَمَا قَالَهُ قَدْ بَانَ لِلْحَقِّ ظَاهِراً * * * وَمَا فِي الْهُدَى عَمْداً لِمَنْ مَازَ وَادَّكَرْ
الشرح والتوضيح:
أبو الحسن الأشعري رحمه الله؛ كان قد أمضى وقتا طويلا من حياته على عقيدة المعتزلة، لأنه تربى على يد أبي علي الجبائي زوج أمه، وكان من رؤوس المعتزلة.
فأخذ عقيدة الاعتزال عنه منذ صغره ونعومة أظفاره، ونشأ على الاعتزال، وبلغ عمره أربعين عاما وهو على هذه العقيدة، عقيدة المعتزلة.
ثم إنه اختلف مع الجبائي، وأورد عليه مسائل وإشكالات حول مسائل المعتزلة، فلم يجد عنده جوابا، فأعلن البراءة من تلك العقيدة، حتى إن له في هذا موقفا مشهودا:
جاء إلى المسجد وصعد على كرسي وخطب الناس، فقال: (من عرفني فقد عرفني، أنا أبو الحسن الأشعري، ومن لم يعرفني فإني فلان بن فلان، وقد كنت على عقيدة كذا) ، ثم خلع ثوبه، فخلعه فقال: (أخرج من الاعتزال كما أخرج من ثوبي هذا) ، وأصبح حربا على المعتزلة، ويرد عليهم ويبطل شبههم، ولكنه في هذه المرحلة وجد أنّ ابنَ كُلاَّب له ردود كثيرة على المعتزلة، ولكن ليس عنده خبرة قوية بقواعد أهل السنة في الاستدلال والرد، ولهذا مرَّ أنَّ ابنَ كُلاب وقع في إنكار طائفة كبيرة من صفات الله سبحانه وتعالى؛ لأن شبهةَ المعتزلة دخلت أثناء محاورته لهم، فتأثر بها.
وما يردُ عن أهل العلم رحمهم الله من ذمِّ أبي الحسنِ الأشعريّ وذمِّ عقيدته، يتعلق بهذه المرحلة الثانية من مراحل حياته، التي أظهر فيها ما توصّل إليها ابن كلاب، وكان ابنُ كُلاَّب يثبت بعض الصفات وينفي بعضها، يعني صفات