ثم أكد المعنى المتقدم وهو لزوم النص، خذ يا صاحب الحق، ويا من يريد لنفسه النجاة والسلامة من هلكات الباطل، ودركات أهل الضلال، خذ مقتضى الآثار والوحي، ما دل عليه الكتاب والسنة، وما جاء عن الصحابة رضي الله تعالى عنهم، ومن بعدهم من العلماء الربانيين، وهي فقه النص وفهمه، إذن النص الكتاب والسنة، وفهم سلف الأمة.
لكن من العلماء من بعدهم نأخذ فقه النص وفهمه، وليكن سبيلك في هذا الباب الوحي، والأخذ بمقتضى الآثار المروية عن السلف، ولا تكون الملازمة للوحي حقيقة إلا إذا كانت على نهج الصحابة، كل هذا الذي نتكلم فيه عن الدين والشريعة، وعن العقيدة والتوحيد، وجاء بآية: {وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا} . (النساء: 115) ، وقال تعالى: {وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ} . (التوبة: 100) .
فما تنازع فيه هؤلاء من هذه الموضوعات والمسائل، فكلٌّ أبدى رأيا، وقرر قولا، كل هذه اطرحها، ودعك عنها، وردّ ما تنازع به الناس إلى الوحي على ضوء فهم السلف الصالح، وما سوى ذلك فاتركه ودعه، واحذر منه غاية الحذر.
41 -فَمَا لِذَوِي التَّحْصِيلِ عُذْرٌ بِتَرْكِ مَا * * * أَتَاهُ بِهِ جِبْرِيلُ فِي مُنْزَلِ السُّوَرْ
42 -وَبَيَّنَ فَحْوَاهُ النَّبِيُّ بِشَرْحِهِ * * * وَأَدَّى إِلَى الأَصْحَابِ مَا عَنْهُ قَدْ سُطِرْ
الشرح والتوضيح:
أصحاب تحصيل الحق والراغبين فيه، -نسأل الله أن نكون منهم-، الراغبين في الخير والهدى، والفوز والنجاة ليس لهم عذر بترك ما نزل به جبريل عليه السلام على النبي صلى الله عليه وسلم.
في مُنْزِل السُّوَر أي في القرآن الكريم، قال سبحانه: {وَإِذَا أُنْزِلَتْ سُورَةٌ} . (التوبة: 86) ، {وَإِنَّهُ لَتَنْزِيلُ} ، إذن فالقرآن منزل من عند الله سبحانه وتعالى، وَإِنَّهُ لَتَنْزِيلُ رَبِّ الْعَالَمِينَ * نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ * عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ