فهرس الكتاب
الصفحة 27 من 76

16 -وَأَجْهَلُ مَنْ تَلْقَى مِنَ النَّاسِ مُعْجَبٌ * * * بِخَاطِرِهِ يُصْغِي إِلَى كُلِّ مَنْ هَدَرْ

وأجهلُ الناس وأبلدُهم =وأحمقهم= المعجبون بالآراء والأهواء، =بعض الناس يحب الأراء الجديدة، حدِّثه كلَّ يوم عن الدين يضجر ويملّ، لكن حدِّثه عن رأي جديد؛ تجده يجري ويستمع لأصحاب الرأي، الجديد عنده أحب إليه من الاستماع إلى: قال الله وقال رسوله، ومن شرح الحديث أو تفسير القرآن، أو ما شابه ذلك؛ لأن ذاك جاءه بشيء جديد في الدين.

وما أكثر هؤلاء في الفضائيات، الناس ينكبون عليهم انكبابا؛ لأنهم يأتون بأشياء عجيبة جدًّا من الشرق والغرب، ولو جلس عالم أو شيخ يشرح لهم كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم لوجدت النفور والملل، وعدمَ الاستماع والتثاؤب والنوم، وإذا كان جالسا في خطبة جمعة؛ ينتظر الخطيب متى ينتهي، وهذا حال كثير من المسلمين في هذا الزمان، نسأل الله السلامة.

فهم ينتبهون= ويصغون ويستمعون إلى كل ناعق، =وقد جاء في كتاب الله تشبيه الكفار بالبهائم في قوله تعالى: {وَمَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا كَمَثَلِ الَّذِي يَنْعِقُ بِمَا لَا يَسْمَعُ إِلَّا دُعَاءً وَنِدَاءً صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لَا يَعْقِلُونَ} . (البقرة: 171) ، ومعناه أن الراعي يجري وأغنامُه وراءه، وهي على الصوت تسير، ولا تعقل أين هو ذاهب بها.

لذلك أورد ابن عبد البر رحمه الله تعالى في (جامع بيان العلم وفضله) [1] ... عَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ الرِّيَاحِيِّ، قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ يَقُولُ:

(وَيْلٌ لِلْأَتْبَاعِ مِنْ عَثَرَاتِ الْعَالِمِ) ، =ويل للتلاميذ وعوامّ الناس من عثرات وزلات أهل العلم= قِيلَ: (كَيْفَ ذَلِكَ؟) قَالَ: (يَقُولُ الْعَالِمُ شَيْئًا بِرَأْيِهِ) ، =يعني لا هو قائم على دين، ولا على سنة ولا على كتاب،=

(ثُمَّ يَجِدُ مَنْ هُوَ أَعْلَمُ بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْهُ) ، =وجد عالما وجد دليلا بخلافه قوله هو= (فَيَتْرُكُ قَوْلَهُ ذَلِكَ، ثُمَّ يَمْضِي الْأَتْبَاعُ) ؛ =لأنهم ما قال لهم أحد: ارجعوا، فهذا قول خطأ، هو عدل نفسه إلى الطريق الصحيح، ولم يعتدل غيره، فنسأل الله السلامة.=

(1) جامع بيان العلم وفضله (2/ 984) ، رقم: (1877) ، (1878) .

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام