31 -وَأَبْرَأُ مِنْ صِنْفَيْنِ قَدْ لُعِنَا مَعاً * * * فَذَا أَظْهَرَ الإِرْجَا وَذَا أَنْكَرَ الْقَدَرْ
في هذا البيت يعلن الناظم رحمه الله البراءة من طائفتين: المرجئة بقوله: فذا أظهر الإرجا.
والقدرية وذكرهم بقوله: وذا أنكر القدر.
سموا المرجئة بذلك: لأنهم أظهروا الإرجاء وقالوا به ودعوا إليه، فما معنى الإرجاء؟ {أرْجِهْ وَأَخَاهُ} . (الأعراف: 111) ، الإرجاء هو التأخير، أي تأخير العمل عن مسمى الإيمان، فقالوا: الإيمان تصديق القلب، لا عمل ولا غيره، مهما عمل من المعاصي، فكلّ مؤخرٍ للعمل عن مسمى الإيمان يطلق عليه عند أهل السنة والجماعة مرجئ، والذين يؤخرون العمل عن مسمى الإيمان أصناف، وليسوا صنفا واحدا، فمن أظهر الإرجاء فهو مرجئ، أي قال به، ونصره، ودعا إليه.
والقدرية لقب لمن ينكر القدر، فالذي ينكر القدر يقال له: قدري، والعجيب أن الذي يثبت الشيء يوصف به، وينسب إليه، لكن هنا نفوه؛ لكن ألصقت بهم هذه التسمية، القدرية ماذا قالوا: الأمر أنف ولا قدر، يعني ربنا ما كتب علينا شيء، وتأتي هذه الأشياء والأفعال فلا يعلمها إلا بعد وقوعها، يعرفها جديدا، ما يعرفها في اللوح المحفوظ ولا يؤمنون بذلك.
وأفعال العباد أيضا يقولون: ليست مخلوقة لله سبحانه وتعالى، بل الذي خلقها الإنسان، وهم العباد أنفسهم خلقوها، وأن العبد هو الخالق لفعل نفسه ليس الله سبحانه، سبحان الله!
والله سبحانه في سورة ياسين ماذا يقول: {وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ} . (الصافات: 96) ، فكيف ينكرون ذلك؟ لا أدري!!
وجاءت نصوص في ذم القدرية، وهم يحاولون التنصل من هذه التسمية، ويقولون: الأحق بهذا الوصف من يثبت القدر، ونحن ننفيه، وأحد القدرية القدامى ألف كتابا سماه الرد على القدرية، ليس فيه أهل سنة وجماعة، هم الذين يثبتون القدر، وقال في مقدمته:
(إن القدري هو من يثبت القدر، أما نحن فننفيه ولا نثبته، فلا يصح أن نلقب بهذا اللقب) .