ويلحقهم الوعيد والذم؛ لأن القدرية هم الجاحدون بالقدر، فقولهم باطل في القدر على قسمين.
القسم الأول: قدرية نفاة، وهم المعنيون بهذا البيت، فإذا أطلق القدرية فهم المقصودون بهذا الإطلاق المعتزلة، الذين نفوا القدر، وأن الله لا يعلم الأشياء قبل حدوثها، ويعلم كبائر الأمور، ولا يعلم صغارها، نسأل الله السلامة.
وهناك قدرية مجبرة هؤلاء يقولون بأن الإنسان مجبور على فعل نفسه، وهم الجهمية، مجبور، يعني ربنا خلقنا وما كتب علينا شيئا، ونحن كلُّنا كالقشة في الهواء، في مهبِّ الريح.
وقد كان أوائل القدرية ينفون مراتب القدر الأربعة عن الله عز وجل: العلم، والكتابة، والمشيئة، والإيجاد، كلها ينفونها، هذه مراتب القدر الأربعة: العلم والكتابة والمشيئة والإيجاد، يعني عَلِمَ اللهُ، فشاءَ فكتبَ فأوجد، كتب علم قبل اللوح المحفوظ سبحانه، كتب في اللوح المحفوظ، شاء أن يكون في الزمن الذي سيكون فيه، خلقه فأوجده.
هؤلاء ينفون هذا الأمر، وصار آخرهم إلى إنكار المشيئة والإيجاد، فالناظم يبرأ من المرجئة والقدرية، وقرن بين هاتين الطائفتين في البيت؛ لأنه سيأتي حديث سنستمع إليه أنهما قُرِنا معًا، فذُمَّت المرجئةُ والقدرية في مواضع عديدة، وجاء ذمهما في بعض الأحاديث التي ترفع إلى النبي صلى الله عليه وسلم لكن لعل فيها مقالا.
الشيخ حافظ حكمي رحمه الله تعالى قال في جوهرته الفريدة:
إني براء من الأهواء وما ولدت *** ووالدِيها الحيارى ساء ما ولدوا
ويقصد بهم الإرجاء والقدر؛ لأن بعض الأبيات جاءت بعدها بينت هذا الأمر.
قال الزنجاني: صحّ عن النبي صلى الله عليه وسلم رواية الصحابة رضي الله تعالى عنهم أنه قال:"صنفان من أمتي لا تنالهما شفاعتي المرجئة والقدرية"، [1] ، وفي رواية:"لعنت المرجئة على لسان سبعين نبيا، إبراهيم آخرهم"، [2] ، وهذه أحاديث ضعيفة الأسانيد، أوردها الشيخ الألباني وغيره، لكن المعنى صحيح، والله أعلم.
(1) ضعيف انظر ضعيف الجامع (3496) ، والصحيح ما ثبت عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:"صِنْفَانِ مِنْ أُمَّتِي لَا يَرِدَانِ عَلَيَّ الْحَوْضَ: الْقَدَرِيَّةُ, وَالْمُرْجِئَةِ". (صم) (949) , انظر الصَّحِيحَة (2748) .
(2) الضعيفة (3785) .