فهرس الكتاب
الصفحة 5 من 76

فعرفت أنّه تكلَّم على ضميري، فرجعتُ مع الحاجّ تلك السّنة، =وهذا ليس من باب علم الغيب، لكن في أمر اسمه الفراسة، وفي شيء اسمه الإلهام، من كان من الصحابة من الملهمين؟ عمر رضي الله تعالى عنه، فهذه لا تنكر إن شاء الله خصوصا مع الثقات، وليس مع أهل الأهواء.

من صفاته؛ العلماء وصفوه= قال أبو سعْد: كان أبو القاسم حافظًا، متقِنًا، ثقة، ورِعًا، كثير العبادة، صاحب كرامات وآيات. وإذا خرج إلى الحرم يخلو المطاف، =من كثرة الزحام حوله ما في مطاف= ويقبّلون يده أكثر ممّا يقبلون الحجر الأسود، هذه الكلمة تداولها أهل العلم الذين يكتبون في التراجم، من جهة المبالغة في مدحه، لكن لهذه الكلمة سبب، يقبلون يده أكثر ما يقبلون الحجر الأسود=.

هذا ما قاله [حاسده =فبعض الناس كان حاسدا له فقال= لأمير مكة: (إن الناس يقبّلون يدَ الزنجاني أكثر مما يقبلون الحجر الأسود) ] . الأنساب للسمعاني (6/ 326)

فلماذا حسدوه؟ وهو في القرن الخامس، فما هو الوضع السياسي السائد في ذلك الوقت؟

قال الذهبي رحمه الله: [قلت: لأنهم كانوا من خبثاءِ الرافضة وأعداء الحديث] . تذكرة الحفاظ للذهبي (3/ 244)

لأن العبيديين كانوا في تلك الآونة موجودين في مصر، ولهم ولاةٌ في مكة، والحُسَّاد كُثُر، لذلك اختبأ في بيته، وصار يحدث وهو في بيته من كثرة الحساد حوله.

[وقال محمد بن طاهر: ما رأيت مثله، سمعتُ أبا إسحاق الحبّال يقول: (لم يكن في الدّنيا مثل أبي القاسم سعْد بن عليّ الزَّنجانيّ في الفضل. وكان يحضر معنا المجالس، ويُقرأ الخطأ بين يديه، فلا يردّ على أحدٍ شيئًا، إلّا أن يُسأل فيُجيب) .

قال ابن طاهر: وسمعت الفقيه هياج بن عبيد إمام الحرم ومفتيه يقول: (يومٌ لا أرى فيه سعد بن علي =الزنجاني= لا أعتد أني عملت خيرًا) . وكان هياج يعتمر ثلاث مرات ...

قال ابن طاهر: (كان الشّيخ سعْد لمّا عزم على المجاورة =أي المقام في مكة مجاورا للحرم= عزم على نيِّفٍ وعشرين عزيمة؛ أنّه يُلْزِمَها نفسَه مِن المجاهدات والعبادات. ومات بعد ذلك بأربعين سنة، ولم يخلّ منها بعزيمةٍ واحدة) ] .

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام