فلنلقِ شيئا من المعرفة على هذا العالم الزاهد السني السلفي.
فمن شيوخه: أنه سمع أبا عبد الله محمد بن الفضل بن نظيف، وأبا عليّ الحسين بن ميمون الصّدَفيّ =فهؤلاء الشيخين سمع منهما= بمصر، وبغزة =سمع شيخه= عليَّ بنَ سلامة، وبزَنْجَان =بلدِه سمع من= محمد بن أبي عُبَيْد، وبدمشق =سمع= عبد الرحمن بن ياسر وأبا الحسن الجبّان، وجماعة.
أما تلاميذه: فمنهم من هو أكبر منه سنا، وهو الخطيب أبو بكر البغدادي، أكبر منه سنا وتلميذه، فقد= روى عنه أبو بكر الخطيب وهو أكبر منه، وأبو المظفّر منصور السَّمعانيّ الفقيه، =الذي ابنه صاحب كتاب الأنساب= ومكّيّ الرُّميليّ، وهبة الله بن فاخر، ومحمد بن طاهر المقدسيّ، وعبد المنعم ابن القُشَيْريّ، وآخرون.
وجاوَرَ بمكة زمانًا، =أي انتقل من بلده إلى مكة طلبا للعلم، وإعطاء للعلم ولذلك= وصار شيخ الحَرَم، =أي أن الناس ترجع إليه في الفتوى=.
قال أبو الحَسَن محمد بن أبي طالب الفقيه الكَرَجيّ: سألت محمد بن طاهر عَنْ أفضل من رَأَى، =فالعلماء يسأل بعضهم عن بعض= فقال: سعْد الزَّنجانيّ، وعبد الله بن محمد الأنصاريّ، فسألته أيُّهما أفضل؟ فقال: عبد الله كان متفنِّنًا، =يعني متبحرا في علوم كثيرة،= وأمّا الزَّنجانيّ فكان أعرف بالحديث منه؛ =متخصصا فيه= وذلك أنّي كنت أقرأ على عبد الله فأترك شيئًا لأجرّبه، ففي بعضٍ يرُد، وفي بعضٍ يسكت، والزَّنجانيُّ، كنتُ إذا تركت اسمَ رجلٍ يقول: تركتَ بين فُلان وفُلان اسمَ فُلان.
=و= قال ابن السَّمعانيّ: صَدَق كان سعدٌ أعرف بحديثه لقلَّته، وعبد الله كان مكثرًا.
=و= قال أبو سعد السَّمعانيّ: سمعتُ بعض مشايخي يقول: كان جدّك أبو المظفّر قد عزم على أن يُقيم بمكّة ويجاور بها، صُحْبَةَ الإمام سعْد بن عليّ، فرأى ليلةً من اللّيالي والدته كأنّها قد كشفت رأسها =في المنام=، وقالت له: (يا بُنَيّ، بحقّي عليك إلّا ما رجعتَ إلى مرو، فإنّي لا أطيق فِراقَك) . قال: فانتبهتُ مغمومًا، وقلت: (أشاور الشّيخ سعدا، فمضيتُ إليه وهو قاعد في الحَرَم، ولم أقدر من الزّحام أن أكلّمه، فلمّا تفرَّق النّاس وقام تبِعْتُه إلى داره، فالتفت إليّ) ، وقال: (يا أبا المظفَّر، العجوز تنتظرك) . ودخل البيت.