فهرس الكتاب
الصفحة 40 من 76

قال رجل للأوزاعي، -والأوزاعي إمام أهل الشام غيرَ مدافَع-: (رأيت رجلا يكلم رجلاً من أصحاب غَيلانَ) ، وغيلان رجل مبتدع، (فزجرته) ، فقال: (أنا أجالس هؤلاء) أتباع غيلان أتباع الكلام والهوى والبدع، (وهؤلاء) أتباع الحديث، فقال الأوزاعي: (هذا رجل يريد أن يخلط الحق بالباطل) ، فنسأل الله السلامة.

وقال أبو يوسف يعقوب بن إبراهيم القاضي: (من طلب المال بالكيمياء أفلس) .

كيف يطلب المال بالكيمياء في العصر الماضي؟ بتحويل الفحم إلى ذهب، أو إلى ماس، والماس كربون، أحدهم جمع حطبا وحوله إلى فحم، وبعدها نجح بتحويلها إلى قطعة ماس، لكن لا تأتي بالتكلفة، فما قام به من تكلفة أضعاف مضاعفة على هذا، قالوا: وماذا أنت فعلت الآن؟ أفلست، وما خرجت إلا بقطعة صغيرة من الماس، فمن طلب المال بالكيمياء أفلس.

(ومن طلب العلم بالكلام تزندق) ، مَن أسوأُ حالا؟ من تزندق أو من أفلس؟، ذاك أفلس في أمر دنيوي، والذي أفلس ربما يأتي مرة أخرى فيجمع المال من التجارة وغيرها، لكن هذا تزندق!!

وكان الشافعي رحمه الله كان من أشد الناس ذما للكلام وتنفيرا عنه، فيقول رحمه الله: (رأيي في أهل الكلام أن يضربوا بالجريد) ، أي بجريد النخل، ما حكم عليهم بالكفر، ولا حكم عليهم بالردة؛ لأنهم متأوِّلون مساكين، زاغوا وضلوا عن الحق، فما الحل فيهم؟

(أن يضربوا بالجريد، ويحملوا على الجِمَال، ويطاف بهم في العشائر والأسواق، وينادَى عليهم: هذا جزاءُ مَن ترك كتابَ الله سبحانه وتعالى، وسنة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وعدل عنهما إلى آراء الرجال) .

قال محمد بن عبد الله بن عبد الحكم: (كنت عند الشافعي رحمه الله في بيته، فنزل وأنا معه، فسمع قوما في حجرة أسفل منه، يتذاكرون شيئا من الكلام) ، من الرأي والهوى، (فصاح بهم؛ فخرجوا إليه) ، =ماذا تريد يا إمام؟ = فقال:

(إما أن تجاورونا بالجميل، وإلاَّ وجهت إليكم عبدَ الواحد يكفنيكم) ، وعبد الواحد هذا كان على الشرطة، =هو مسئول الشرطة، وأمرهم أن يتركوا الكلام.

ويقول سهل بن عبد الله التستري رحمه الله:

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام