عن ابن عباس -رَضِيَ اللهُ عَنْهُما-، أن رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، لما بعث معاذًا إلى اليمن قال له: (( إنك تأتي قومًا من أهل الكتاب، فليكن أول ما تدعوهم إليه شهادة أن لا إلاه إلا الله - وفي رواية: إلى أن يوحدوا الله-، فإن هم أطاعوك لذلك فأعلمهم أن الله افترض عليهم خمس صلوات في كل يوم وليلة، فإن هم أطاعوك لذلك فأعلمهم أن الله افترض عليهم صدقة تؤخذ من أغنيائهم فترد على فقرائهم، فإن هم أطاعوك لذلك فإياك وكرائم أموالهم. واتق دعوة المظلوم، فإنه ليس بينها وبين الله حجاب ) )أخرجاه.
ولهما عن سهل بن سعد -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ-، أن رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال يوم خيبر: (( لأعطين الراية غدًا رجلاً يحب الله ورسوله، ويحبه الله ورسوله، يفتح الله على يديه ) ). فبات الناس يدوكون ليلتهم أيهم يعطاها. فلما أصبحوا غدوا على رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كلهم يرجو أن يعطاها. فقال: (( أين علي بن أبي طالب؟ ) ). فقيل: هو يشتكي عينيه. فأرسلوا إليه، فأتي به فبصق في عينيه، ودعا له، فبرئ كأن لم يكن به وجع، فأعطاه الراية فقال: (( انفذ على رسلك حتى تنزل بساحتهم، ثم ادعهم إلى الإسلام وأخبرهم بما يجب عليهم من حق الله تعالى فيه، فوالله لأن يهدي الله بك رجلاً واحدًا، خير لك من حمر النعم ) ). يدوكون: يخوضون.
[الشرح]
هاذا الباب (باب الدعاء إلى شهادة أن لا إلاه إلا الله) مناسبته لكتاب التوحيد ظاهرة: فإن هاذا الباب فيه بيان فضل الدعاء إلى التوحيد، وأن هاذا سبيل المرسلين.