الصفحة 765 من 952

فذهب عوف إلى رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ليخبره، فوجد القرآن قد سبقه، فجاء ذلك الرجل إلى رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وقد ارتحل وركب ناقته، فقال: يا رسول الله! إنَّما كنَّا نخوض ونتحدث حديث الرَّكْب، نقطع به عناء الطريق.

فقال ابن عمر: كأنِّي أنظر إليه متعلقاً بنسعة ناقة رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، وإنَّ الحجارة تنكُبُ رجليه - وهو يقول: إنما كنا نخوض ونلعب - فيقول له رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: {أَبِاللّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ (65) } ما يلتفت إليه وما يزيده عليه.

[الشرح]

قال المؤلف رحمه الله: (باب من هزل بشيء فيه ذكر الله أو القرآن أو الرسول)

مناسبة هاذا الباب لكتاب التوحيد: كالأبواب التي قبله: أن الهَزْل -وهو ضد الجِد والحزم والصدق- في شيء من ذكر الله -عز وجل- أو القرآن أو الرسول من ضعف التوحيد؛ لأنه ضعف تعظيم لله -جل وعلا-، فلا يكون هاذا إلا عن ضعف التعظيم لله، التعظيم لآياته، التعظيم لرسوله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، ومثل هاذا يُوجب نقصًا عظيمًا في التوحيد قد يصلُ بصاحبه إلى الكفر، بل هو كفر.

أما مناسبته للباب الذي قبله: فإنَّه في البابين السّابقين ذكر سبّ الله واحترام أسماء الله، وفي هاذا ذكر ما يجب تعظيمه من حقوق الله، كذكر الله والقرآن والرسول، فإنَّ تعظيمَ هاذه الأشياء من تعظيم الله -جلَّ وعلا-، بل الاستهزاء بهاذه الأشياء استهزاء بالله -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى-، فالاستهزاء بآيات الله يستلزم الاستهزاء بالله، الاستهزاء بالرسول يستلزم الاستهزاء بآيات الله وبالله تعالى، فذَكَر هاذا تتميمًا لما أفادته الأبواب السابقة من وجوب تعظيم الله -عز وجل- بالقلب واللسان.

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام