الصفحة 724 من 952

أيضًا: من حُلِفَ له بالله فليرض: يشمل تصديق الحالف في كلامه إن لم تدل القرينة على كذبه، فإن دلت القرينة على كذبه، فإنه لا يلزمه الرضا بيمينه، كما قال الله -جل وعلا- في المنافقين: {يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ لَكُمْ لِيُرْضُوكُمْ وَاللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَقُّ أَنْ يُرْضُوهُ إِنْ كَانُوا مُؤْمِنِينَ} [1] وهاذا يدل على عدم وجوب الرضا بأيمانهم، فدل هاذا كما هو واضح في الآية على أي شيء؟ على أنه لا يلزم الرضا بيمين من قامت القرينة على كذبه في يمينه، ولكن إن قَبِل الإنسان فيما يتعلق بالحقوق يمين المُقسِم لكان أحسن، فإن النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قبل منهم أيمانهم ووكل سرائرهم إلى الله عز وجل.

ثم قال: (( ومن لم يرض ) )أي: من لم يرض بالحلف بالله إما لفظًا بأن طلب غيره، أو تصديقًا مع قيام القرينة على صدق الحالف (( فليس من الله ) ). وهاذا فيه أشد التحذير والتنفير من هاذا الأمر، ويدل على أنه من الكبائر، وهو أشد من نفي الإيمان، ومن براءة النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، يعني: هاذا القول قوله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (( فليس من الله ) )أشد من قول النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (( ليس منا ) (( من غشنا فليس منا ) )، وأشد من قوله: (( من رغب عن سنتي فليس مني ) )وما أشبه ذلك: (( لا يؤمن أحدكم ) )هاذا أشد ما وَرَد فيما يتعلّق بالكبائر؛ لأن براءة الله من العبد أعظم من براءة غيره، أعظم من نفي الإيمان، وتدل على قُرْبِ الحرمان والخسران من المُتبرأ منه، لكن لا يدل على الكفر.

(رواه ابن ماجه بسند حسن) . والحديث كما قال -رحمه الله- حديث حسن، حسنه جماعة من العلماء.

هل هاذا الحديث خاص بالدعاوى والخصومات؟

(1) سورة: التوبة، الآية (62) .

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام