(وقال عون بن عبد الله: يقولون: لولا فلان لم يكن كذا.) هاذا أيضًا من إنكار نعمة الله أن تُضَاف النعمة إلى غيره، فإن إضافة النعمة أن تُضاف نعمة الله -جل وعلا- إلى غيره، فمن أضاف نعمة الله -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- إلى غيره استقلالاً، فإنه قد كفر نعمة الله -جل وعلا- وأنكرها، وكان الواجب عليه أن يقول: لولا الله لما كان كذا. هاذا أكمل الأحوال، فإن الله -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- هو المتفضل المنعم، فإن أراد أن يذكر السبب فليذكر السبب بعد ذكر الله -جل وعلا- مستعملاً في عطفه (ثم) ، فيقول: لولا الله ثم فلان لم يكن كذا؛ لأنه يتَبيَّن من هاذا أن السبب نازل وأنه دون المُسَبب، أما ذكر السبب على وجه الاستقلال بأن يقول: لولا فلان لما كان كذا وكذا، أو لكان كذا وكذا، فهاذا إن كان سببًا حقيقيّاً سيأتي الكلام عليه، وإن كان سببًا غير حقيقي فإنه كذب وكفر بالنعمة. ثم إضافة النعمة لغير الله إذا كان سببًا حقيقيّاً فإما أن يضيفها على أنها من السبب إيجادًا، فهاذا كفر بالله عز وجل، وإما أن يضيفها إلى السبب على أنه سبب مع الغفلة عن المسبب فهاذا كفرٌ أصغر، شركٌ أصغر، وإما أن يضيفها إليه على وجه الاستقلال مع إقرار قلبه بأن الله هو مقدر الأشياء، وأنه المنعم بها، وأنه لم يذكره إلا على أنه سبب، لا يعتقد فيه أكثر من ذلك، فهاذا جائز، ومن العلماء من منعه.
إذًا الأحوال ثلاث:
أن يكون السبب صحيحاً، يعني: السبب صحيح إما في الشرع، وإما في الحِس، فإضافة الأمر أو الشيء إليه استقلالاً يعني: دون ذكر الله -جل وعلا- لها ثلاث أحوال:
الحال الأولى: أن يضيفها إليه على وجه الاستقلال اعتقادًا منه أنه مُوجِد للشّيء، فهاذا كفر وشرك أكبر، كما لو قال: لولا فلان لما كان كذا وكذا، فهاذا شرك، إذا كان يعتقد أن فلاناً هو الذي أوجد الشيء وخلقه، وأنه سببه الأساسي الأصلي الذي به وجد، فهاذا كفر بالله عز وجل.