قال مجاهد ما معناه: هو قول الرجل: هاذا مالي، ورثته عن آبائي.
وقال عون بن عبد الله: يقولون: لولا فلان لم يكن كذا.
وقال ابن قتيبة: يقولون: هاذا بشفاعة آلهتنا.
وقال أبو العباس - بعد حديث زيد بن خالد الذي فيه: (( وأن الله تعالى قال: أصبح من عبادي مؤمن بي وكافر .. ) )الحديث، -وقد تقدم-: وهاذا كثير في الكتاب والسنة، يَذُم سبحانه من يضيف إنعامه إلى غيره، ويشرك به.
وقال بعض السلف: هو كقولهم: كانت الريح طيبة، والملاح حاذقاً، ونحو ذلك مما هو جارٍ على ألسنة كثير.
[الشرح]
هاذا الباب مناسبته لكتاب التوحيد أنَّ نِعَم الله -جل وعلا- تُوجب تعظيمه، والإقرار بأنها منه، والشكر له عليها كما تقدم في الباب السابق، فإن موجَب نعم الله -جل وعلا- شكره -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى-، والقيام بحقّه.
وقوله: {نِعْمَتَ اللّهِ} يشمل النِّعَم الدينية والنِّعَم الدنيوية، يعني: النعَم المتعلقة بالدين: الاستقامة والهداية، والنعَم المتعلقة بالأرزاق والأموال والولد، وكل ما هو من شأن الدنيا، فلمّا كان إنكار النعَم نقصًا في التوحيد ذكر المؤلف -رحمه الله- إنكار النعَم في هاذا الباب. وإنكار النعَم على درجات كما سيأتي في كلام المؤلف -رحمه الله-، منها: الإنكار الكلي، وهو بأن يضيفها إلى غير الله -عز وجل- خلقًا وإيجادًا، وهاذا كفر بالربوبية. ومنها: أن يضيفها إلى غير الله -عز وجل- على وجه السبب، وهاذا حكمه سيأتي في ثنايا ما ذكر المؤلف -رحمه الله- في الباب. ومنها: ما يذكر فيه السبب بعد إضافته إلى الله -جل وعلا- وعدم الغفلة عنه، وإنما يعتقد أنه سبب لولا أن الله يسره وقدره لما كان المُسَبَّب، ولما كانت النتيجة، فهاذا ليس بكفر، ولا شرك.