وهاذا فيه بيان حكم من أطاع مخلوقًا في تحريم ما أحلَّ الله، أو تحليل ما حرم الله، هل هاذا خاصٌّ بهذين الصنفين من الناس؟ يعني: من أطاع عاميّاً، من أطاع والده، من أطاع كائنًا من كان في تحريم ما أحل الله، أو تحليل ما حرم الله، أيكون قد اتخذه ربّاً؟ الجواب: نعم، فلماذا النص ذكر هؤلاء؟ ذكر هؤلاء لأننا مأمورون بطاعتهم، أما العلماء فقد قال الله جل وعلا: {فَاسْأَلوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ} [1] فالمرجع إليهم في معرفة الأحكام. وأما الأمراء فلأن الله أمر بطاعتهم أيضًا في قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الأَمْرِ مِنْكُمْ} [2] فإنهم يدخلون في قوله تعالى: {وَأُولِي الأَمْر} فإن أولي الأمر هم العلماء والأمراء، فلذلك نصَّ على هذين، وإن كان الحكم يشمل طاعة كل أحد، فلو أطاع أباه، أطاع عاميّاً، أطاع كائنًا من كان في تحريم ما أحل الله، أو تحليل ما حرَّمه الله فإنه قد اتخذه ربّاً.
ذكر المؤلف -رحمه الله- في هاذا الباب آثارًا من ذلك:
قال رحمه الله: وقال ابن عباس: يوشك أن تنزل عليكم حجارة من السماء، أقول: قال رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، وتقولون: قال أبو بكر وعمر؟!
قبل أن نُعلِّق على هاذا الأثر، نقول: طاعة العلماء تنقسم إلى قسمين، أو نقول بعبارة أعمَّ وأشمل: الطاعة في تحريم ما أحل الله، أو تحليل ما حرم الله نوعان:
(1) سورة: النحل، الآية (43) .
(2) سورة: النساء، الآية (59) .